أقلامهم

حسن جوهر: مبغضو “البراك” فجروا في خصومته؛ لأنه كان شوكة حادة في خاصرتهم على مدى ست عشرة سنة متواصلة.

مسلم البراك!
د. حسن عبدالله جوهر
يرى محبو البراك فيه رمزاً للشجاعة، وضميراً للأمة، ورجلاً في المواقف، وترجمة لما يعتصر قلوبهم من مرارة حال البلد المنغمس في أشكال الفساد والخراب ونهب المال العام، أما مبغضوه فقد فجروا في خصومته أيضاً؛ لأنه كان شوكة حادة في خاصرتهم على مدى ست عشرة سنة متواصلة.
مسلم البراك أسطورة سياسية وشخصية قد لا تتكرر في المشهد الكويتي، وهذا ما جسّده محبوه وخصومه على حد سواء، فمحبوه أفرطوا في حبه، وهم يرون فيه رمزاً للشجاعة، وضميراً للأمة، ورجلاً في المواقف، وترجمة لما يعتصر قلوبهم من مرارة حال البلد المنغمس في أشكال الفساد والخراب ونهب المال العام.
أما مبغضوه فقد فجروا في خصومته أيضاً؛ لأنه كان شوكة حادة في خاصرتهم على مدى ست عشرة سنة متواصلة، فأزاح من أزاح من المسؤولين الكبار على رأس بعض الهيئات والمؤسسات، ونكّد على أصحاب المشاريع المليونية حلاوة التلذذ بتلك الثروات الكبيرة، وبين هذا وذاك من الطبيعي أن يتحول مسلم البراك إلى الرقم واحد في الإعلام والمنتديات والدواوين، وفي كل بعد من حياة الكويتيين حتى في النكت السياسية ورسومات الكاريكاتير!
وشخصياً زاملت “بوحمود” على مدى ستة فصول تشريعية في مجلس الأمة دون سابق معرفة به قبل دخول البرلمان، فكان أخاً عزيزاً ورفيق درب من الطراز الأصيل، وعلى الأقل لم تجرفه مغريات السياسة ومكائدها وصفقاتها التي غيّرت الكثيرين ممن باعوا مبادئهم أو تحولوا إلى أدوات أو فداوية لشخصيات نافذة.
نعم أختلف مع “بوحمود” في أسلوب طرحه أحياناً، وكنت ممن أصارحه في ذلك، ولكن يبقى ذلك من شأنه وبيّن الرجل أنه يتحمل شخصياً تبعات ما يقوله، ومتى يقوله وكيف يقوله، بل يقف اليوم أمام القضاء بتهمة الإساءة إلى مسند الإمارة والذات الأميرية، ويبقى أن نحترم ساحات المحاكم في هذا الشأن.
ولكن تبقى هناك غصة كبيرة بسبب مفهوم الإساءة إلى الذات الأميرية في زمن أغبر، والاعوجاج في تطبيق مبادئ فرض سيادة القانون وهيبة الدولة، أفلا تعتبر حالة الفساد ورائحته النتنة التي شوهت اسم الكويت بين مواطنيها وأمام العالم وبرعاية حكومية إساءة إلى الذات الأميرية؟
وألا تعتبر السرقات المخزية في مشاريع تحمل أسماء حكام الكويت مثل جامعة صباح السالم في الشدادية واستاد جابر الأحمد ومستشفى جابر الأحمد، وما ابتلع فيها من ملايين الدنانير إساءة إلى الذات الأميرية؟ وألا يعتبر تلوث سمعة أعضاء مجلس الأمة في زيادة أرصدتهم البنكية إساءة إلى الكويت وأميرها بعد القسم بالإخلاص للوطن والأمير؟
وأمثال هؤلاء لم يتجرؤوا في الانتخابات السابقة حتى على الترشح لعضوية مجلس الأمة، واليوم يتراكضون لتكون أسماؤهم من أوائل المرشحين، وكان الفضل في ذلك لشخصيات من أمثال مسلم البراك!
أليس من باب العدالة والإنصاف أن يكون المرتشون وسراق المال العام والقبيضة وتجار اللحوم الفاسدة في عنبر واحد مع مسلم البراك على الأقل؟ أو أنه كما يقول “بوحمود” بأنه إذا كانت قاعة عبدالله السالم لا تجمعه مع هؤلاء القبيضة فمن باب أولى ألا تجمعه زنزانة السجن معهم أيضاً؟!