أقلامهم

حسن جوهر: التركيز المغالي على موقف الشيعة من الانتخابات يخدم بعض الأطراف هنا وهناك، وهو مجال خصب للتكسب السياسي.

الشيعة والانتخابات!
 
كتب المقال: د. حسن عبدالله جوهر
التركيز المغالى فيه على موقف الشيعة من الانتخابات المرتقبة سواء على الصعيد الإعلامي أو الاجتماعي بلا شك يخدم بعض الأطراف هنا وهناك، وهو مجال خصب وسهل للتكسب السياسي بأقل جهد وعناء، ولكن مخاطره وتبعاته بالتأكيد ستكون ثقيلة ومكلفة الآن وفي المستقبل.
ولا أنكر أن مثل هذا الطرح يأتي في الوقت الضائع، حيث الطائفية كما يقال قد “شربت مروقها” عند الكثير من الناس، ولكن يبقى صوت العقل والحكمة دائماً صمام أمان وخط رجعة لأي منزلقات خطيرة لا سمح الله.
ولهذا، فإن الموقف من مرسوم تعديل آلية التصويت وبالتبعية قرار المشاركة في الانتخابات سلباً أو إيجاباً يجب تقييمه كشأن سياسي وفي إطار الرأي والرأي الآخر، ومن المجحف أن يحاول البعض سواء من الشيعة أنفسهم أو السنّة، خصوصاً من التيارات الدينية، أن يفرز الطائفة في خانة المشاركة ولو كانت الأغلبية الشيعية مع هذا الخيار، فأنصار التيار الوطني من شباب الشيعة وبعض العوائل التجارية والكثير من المستقلين، وحتى بعض التيارات الدينية في الوسط الشيعي يميلون إلى خيار المقاطعة لأسباب وقناعات يجب أن تحترم لأنها بالدرجة الأولى من منظور المكتسبات الديمقراطية والشعبية، إضافة إلى أن هذا القرار لا يكسبهم أي مصالح فردية أو فئوية، بل على العكس قد يعرضهم إلى الكثير من الضغوط الاجتماعية التي قد لا تقاوم في بعض الأحيان، وخير مثال على ذلك بيان مقاطعة الانتخابات لجماعة الميثاق التي يشهد لها أهل الكويت والحكومة قبلهم بتاريخها السياسي وفكرها المتدين وخدمة رموزها في مواقع سياسية مهمة كنواب ووزراء وأعضاء المجلس البلدي، وما تعرض له هذا التيار من هجوم بلغ حد الإرهاب الفكري.
فالحالة الكويتية الشيعية حالها حال أي تيار أو مكون من مكونات المجتمع تختلف فيها وجهات النظر، خصوصاً في المواقف المفصلية قد تصل إلى الحدية والشراسة، فالمنبر الديمقراطي شهد انقساماً في صفوف بعض أعضائه، وكذلك التيار السلفي وأيضاً الحركة الدستورية، وحتى في أوساط القبائل التي تقف بقوة خلف قرار المقاطعة هناك عدد كبير من المرشحين الذين يمثلون معظم القبائل.
وعلى الطرف النقيض هناك أعداد كبيرة من أبناء القبائل الصغيرة أعلنت مقاطعتها رغم التبريرات التي ساقها أنصار مرسوم الضرورة كفزعة لتمكين مرشحيها إلى البرلمان عبر الصوت الواحد.
ولهذا، فإن الشيعة مواطنون لهم آراؤهم ومواقفهم، ومن الطبيعي أن يختلفوا ويتفقوا كبقية الكويتيين من كل الفئات والعوائل والقبائل، وبفضل هذا الاختلاف في الرأي نفوّت الفرصة على كل نفس مريض وعقلية متعصبة ونهج طائفي بغيض لفرز بلدنا وشعبنا ونشل هذه المحاولة اليائسة مرة أخرى!