أقلامهم

محمد الجدعي: اختلفوا كما شئتم والزموا اي رأي شئتم.. ولكن ارجوكم اتفقوا جميعا على حب الوطن

الإرادة هي القدرة.. ومن أراد فعل!
محمد الجدعي
 
{المحافظة على حق المعارضين في الكلام واجب وطني} – تشرشل
الكويت كانت وما زالت.. وستكون دائما وأبداً فوق الجميع.. فهي الام.. وهي الحضن الدافئ.. والظل الظليل في الماضي والحاضر والمستقبل لكل مواطن ولكل ساكن على ثراها ويستنشق هواها، ويعتاش على خيرها وخيراتها التي حباها الله بها.. ومنها نعمة الامن والامان والتعايش السلمي بين جميع طوائفها وفئاتها!
 
بالامس القريب احتفلت الكويت بمرور خمسين عاماً للمصادقة على الدستور، ألا وهو العقد الاجتماعي بمواده المائة والثلاث والثمانين، دستور سبق عصره.. وحفظ للشعب كرامته، واكد مشاركته بثروات الوطن، من تعليم مجاني وعلاج وكفالة اسرية ومجتمعية.. تأصيلا لمبدأ دولة الرفاه المجتمعي، وهو الذي اتى كرد للجميل.. لشعب عانى أجداده فصابر واصطبر.. رغم شظف العيش.. وسوء احوال حياتهم الجافة والمملوءة بتحديات زمن لا يرحم، تصارعهم حياة قاسية.. فكان لتعاضدهم وتكاتفهم وتآزرهم.. مكافأة لهم الفوز بخيرات النفط.. ودستور يتكفل بهم وبأجيالهم المتعاقبة بعد الله.
 
ولكن كما يقال فإن مكافأة صغيرة على خدمة كبيرة.. تجرح الكرامة، ومكافأة كبيرة على خدمة صغيرة تفسد الاخلاق! وها نحن اليوم نعيش في ظل هذه الاجواء الاحتفالية الكبيرة بمرور يوبيل ذهبي على تطبيق الدستور.. التي تُوجت ليلة السبت الماضي بدخول الكويت كتاب غينيس للارقام القياسية، بعد ان رصدت لها المبالغ الضخمة والاستعدادات الكبيرة، والتي بلا شك يشكر عليها منظموها ومن قاموا على انجاحها.. ولكن نجد وفي هذا الوقت نفسه ان هناك من يستثمر هذا الفرح، فلا يحترم عقودا ولا يكترث بالمواثيق والعهود المتمثلة بالدستور، بل ويحاول وأدها بلا شفقة! ومنهم من دأب على ضرب اللحمة الوطنية وشق النسيج الاجتماعي.. والعمل على تفرقة المجتمع بين مؤيد ومعارض.. وشتان ما بين هذا الرأي وذاك.. الذي جعل كلا منهما خصماً للاخر وعدوا مبينا!
 
نحن نفهم ان في كل مجتمع هناك خلافات واختلافات وتبايناً.. وهذا امر تحدده الطبيعة الانسانية وطريقة تفكير كل فرد، وهو امر محمود وموجود في كل مكان.. ولكن بالطبع ليس على حساب وطن وسمعة شعب، فلا تخوين للمعارضة ولا خصومة وفجور مع المؤيدين من الطرف الآخر، فهنا الكارثة وبداية لشقاق لا ينتهي، وكما قال الاديب الالماني توماس مان، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1929، «نشعر بالغضب تجاه بعض الافكار ونثور معارضين لها، عندما نكون غير واثقين بموقفنا، فيحملنا ذلك على الانضمام الى الطرف الآخر»!
 
اختلفوا كما شئتم والزموا اي رأي شئتم.. ولكن ارجوكم اتفقوا جميعا على حب الوطن، وليكن حكمكم الدستور وولاؤكم لاسرة الصباح الكريمة التي لا يختلف على حبها وحكمها اثنان.
 
وهنا أود ان أختم بقول احد المفكرين الاوروبيين (كلاوتس) في نصيحة وجهها للعالم حين قال: «تصبح المعارضة موضع اعجاب اذا ضايقناها واضطهدناها»،
 
فلا عيب ولا ضرر من وجود معارضة.. بل لا خوف منهم ولا وجل، خصوصا اذا كان ما يسعون اليه هو الكرامة والحرية والتمسك بالدستور.. نصاً وروحاً.