أقلامهم

فالح بن حجري: البترول هو عقالنا الذي نقود به قوافل الرفاهية ولولاه لما بقيت لنا ذرة عقل أمام قصف مدافع الفقر.

محلك “سيرك” 
فالح بن حجري 
لا أذيع سرا إن قلت إن سر طبخة رفاهيتنا الاقتصادية هو البترول، والبترول فقط فاقتصادنا محلك سر في «بير بترول» فمن دخله نقبض رواتبنا وبه نزخرف أوراق ميزانياتنا وعليه تسند آمالنا التنموية ظهرها وتملأ بها بطن مدخولها. وهو جملتنا البسيطة الدالة على الحال العال وغيره جملة ممتدة رحم الله حالها وكل أحوال المسلمين وهو مبتدأنا وخبرنا وغيره مضاف ومضاف إليه على موائد الصدقات وهو الفعل والفاعل وغيره مفعول به الأفاعيل باختصار من كان البترول بطنه فلا «ينطق» أبدا على ظهر رفاهيته.
البترول هو عقالنا الذي نقود به قوافل الرفاهية وهو الغترة البيضاء التي نزين بها رأس اقتصادنا ولولاه لما بقيت لنا ذرة عقل أمام قصف مدافع الفقر ولكانت وجوه تطورنا ترهقها قترة من سوء المنقلب التنموي، هو ذاك البترول زعيم الطاقة العالمي الملهم ومنه البداء ومنه الغير ومنه الرياح ومنه المطر لأي رفاهية وردية على طول وعرض قارات هذا الكوكب الأزرق.
هذا ونحمد الله سبحانه وتعالى على نعمة البترول ونعوذ به جل جلاله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا التي حولت نعمة رفاهيته إلى نقمة استهلاكية.
وقصة تحول النعمة إلى نقمة لا تحكيها فقط زحمة الشوارع بل يقصها سيد القصاص وذروة سنام اقتصادنا الراتب أو المعاش الذي ما عاش إلا ليحكي قصة واقع مواطن عزيز بترول ذل استهلاكيا ولم يرحمه أحد.
راتب الكويتي وبفضل الله من أفضل الرواتب في العالم، وله في تصنيفات الدخل العالمي الرأس المرفوع، ولكن رأسه المرفوع وبحكم الواقع يضطر لأن ينزل هامته أمام حلاق غلاء الأسعار والتضخم التي لا تعرف من قصات الشعر إلا «الصفر» فتحلق رأسه حتى آخر شعرة فلس في رصيده ليتحول من نمر على ورق شهادات الرواتب إلى مجرد «نمرة» استهلاكية في سيرك التضخم؟
مشوار الراتب يبدأ من إشارة البيروقراطية الحمراء التي لا تسمح للموظف بأن يزيد دخله بالجمع بين وظيفتين أو باستخراج رخصة تجارية وان سمح له بتعديها فستصادفه مطبات جشع التجار التي تحدث أضرارا جسيمة في إطارات ميزانيته فتدخل فيها مسامير جحا فوائد القروض وارتفاع الإيجارات وأسعار البيوت و.. و.. ومن المسامير «اللي ما ترقع» وان تفاداها فسيواجه دوار المصالح الذي أولوية المرور فيه دوما للقادمين من جهة «الموسرين» من أصحاب الكروش الاقتصادية، فيضطر بأن ينتظر إلى حين «ميسرة» قرض أو كادر أو منحة ليتعداه ويجد نفسه أمام أزمة مواقف سياسية مزدحمة لا يستطيع أمامها إلا أن يوقف سيارة راتبه على جانب طريق التنمية على الرمال التي تسفوها ريح رفاهية في وجهه واجهت إعصار فساد.. وهناك على رمال الآمال سيتلقى العزاء في الفقيد راتبه «المعصور» له حتى آخر قطرة والراقد في مقابر الأحلام جثة هامدة ومحلك «سيرك»!