أقلامهم

حسن جوهر: ما الذي تغير؟ ولماذا تحاول الحكومة أن تزايد على القرارات الشعبوية التي حُل بسببها مجلسان تشريعان؟

«بسنا فلوس»! 
 
كتب المقال: د. حسن عبدالله جوهر
التباشير الحكومية بإغراق الناس بالفلوس يبدو أنها شعار الحكومة في انتخابات الصوت الواحد، ولكنها طلعت “فشوش”، وآثارها السلبية بالتأكيد سوف تكون أكثر على الأغلبية الصامتة التي يراهن عليها كل طرف لإنجاح أو إفشال المشاركة في التصويت.
في الكثير من المناسبات كنا نحذر من مستشاري السوء، وهم زمرة المحيطين والمؤثرين بمراكز القرار، لا يهمهم الديمقراطية ولا الاستقرار السياسي بقدر ما تهمهم مناصبهم والامتيازات المباشرة واستغلال السلطة والنفوذ، ولو كان على حساب توريط السلطة في أزمات وإحراجات سياسية، ومع هذا فهم في النهاية مندسون خلف الكواليس ولا يشملهم “طشّار الغضب الشعبي”.
فإقرار الكوادر وزيادة الرواتب ورفع معاشات المتقاعدين وزيادة علاوة الأبناء وزيادة القرض الإسكاني إلى 100 ألف، وكذلك رفع بدل الإيجار إلى 250 ديناراً ومنحة الـ2000 دينار لكل مواطن كانت حتى خمسة شهور مضت من المحرمات، وحُل بسببها مجلسان تشريعان على الأقل واتهم الأعضاء، سواء المعارضة أو حتى الموالون للحكومة، بأنهم يدغدغون عواطف الناس، وأن هذا الهدر الكبير في الميزانية العامة سيكون وبالاً على مستقبل البلد ويجعله على محك الإفلاس!
فما الذي تغير؟ ولماذا تحاول الحكومة أن تزايد على القرارات الشعبوية؟ ولماذا هذا السباق مع الوقت لإصدارها إما بمراسيم الضرورة وإما بقرارات من حكومة أصبحت مهامها محصورة فقط بتصريف العاجل من الأمور؟
نعم كنا ولا نزال على قناعة بتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وهذه الاقتراحات ليست حكومية على الإطلاق، وجميعها بلا استثناء كانت من أعضاء مجالس الأمة في الدورات السابقة، ولكن يجب أن تقدم بحزمة اقتصادية متكاملة، ومن منظور تدوير عجلة الاقتصاد وخلق ثقافة الاستثمار والادخار لدى المواطنين، وهذا لا يتم إلا عبر الارتقاء بعمل سوق الأوراق المالية والرقابة عليها من التلاعبات الوهمية والشركات الورقية، كذلك تدشين مشاريع التنمية والشركات المساهمة الحقيقية لإدارتها، ووضع القواعد الجادة للإعلان عن تحويل الكويت إلى مركز تجاري حقيقي، وإطلاق حزمة تشريعات الذمة المالية ومحاربة الفساد، وإيجاد حل جذري لأزمة القروض وإصلاح الاختلالات المزمنة في المالية العامة للدولة، وتشجيع الإنفاق الاستثماري وتطبيق قانون كسر الاحتكار وحماية المستهلك، حتى لا نقع في مصيدة “مال النجيل يأكله التجار”!
ولم تكن الحكومة ومستشاروها المبدعون بحاجة إلى هذا البالون السخيف لاختبار الناس ودفعهم إلى التصويت احتراماً لعقول الجميع، فمبررات المشاركين والمقاطعين أشرف وأبرك بكثير من مثل هذه الوعود الهزيلة، فمن يشارك يعتبر نفسه منتصراً للدستور والديمقراطية ومصلحة الكويت، ومن يقاطع يبرر قراره بالانتصار للدستور والإرادة الشعبية أيضاً، ولو كان لدى الحكومة ذرة من الوفاء للمجلس الصديق القادم لتركت له مثل هذه الإنجازات الشعبية بعد كل هذه التضحيات السياسية!