أقلامهم

عامر الفالح: لم يكتفوا بالفتاوى المحلية فاستوردوا من الدول الشقيقة والصديقة وما وراء البحار الفتاوى التي تحشد لهم جماهير.

تجييش الفتاوى
عامر الفالح
«الفتنة نائمة ووعاظ الدين يهزون سريرها»… محمد الرطيان.
سيد المشهد هذه الأيام هو بعض رجال الشريعة والدين وفتاواهم والفتاوى المستوردة التي يلوحون بها لتجيير آراء في المقاطعة أو المشاركة في انتخابات البرلمان بل حتى وصل الحال في العبث بالدين وفتاواه أن بدّعوا من يتوشح باللونين البرتقالي والأزرق وقرروا بأنها محدثة وضلالة وكل ضلالة في النار إلى هذا الحد امتهنوا الدين.. 
ألا يوجد عالم أو واعظ أو شيخ دين يتواضع لله ويقول للسائل في مثل مسائل السياسة الصرفة «أنتم أعلم بشؤون دنياكم»… قالها أكرم الناس محمد صلى الله عليه وسلم، فلماذا نضفي على كل مسألة سياسية طابعا شرعيا ونطوِّع النصوص الشرعية التي لا تتناسب مع هذه المسائل ونكيِّف لها الآيات والأحاديث ونجعلها من المعلوم من الدين بالضرورة حرمته أو حلاله؟؟ أمر غريب وحالة تصيبك بالغثيان وأنت تشاهد هذه القامات الدينية التي ينبغي أن تنأى بنفسها عن ردات فعل الجماهير من تجيير الدين في شأن سياسي تشاهدها وللأسف وقد ساقوها لتجييش الشارع بفتاوى ركيكة.
لم يكتفوا بالفتاوى المحلية فاستوردوا من الدول الشقيقة والصديقة وما وراء البحار الفتاوى التي تحشد لهم جماهير سواء بالمقاطعة أو المشاركة، وأصبحت المشاركة في الانتخابات وفق فتاوى ذاك الفريق من الواجبات التي يأثم تاركها، وعند الفريق الآخر من كبائر الذنوب التي تغمس ربما صاحبها في نار جهنم، وهكذا دواليك أصبح الدين أداة لتقسيم المواطنين مع أو ضد ذاك الرأي أو غيره.
لا حاجة لحشر الدين وزجه في شأن سياسي انقسم المواطنون فيه بين مؤيد ومعارض من مؤسسات الدولة الرسمية كالإعلام والصحافة بهذه الصورة التي هزت هيبة رجال الشريعة والوعظ، وأصبح المعارض لهذا الرأي الشرعي الذي ساقه ذلك العالم وهذا الواعظ كأنه مفسد في الأرض يجب على الدولة استئصاله، ولا حاجة كذلك لبعض قنوات الإعلام الخاص أن تخدم رأيها في المقاطعة باستخدام رجال الشريعة كذلك وكأن خصومهم خالفوا النصوص الشرعية أو التلميح بالتخوين لهم، فكلا الفريقين جيَّش الدين والنصوص الشرعية وطوعها لتبرير موقفه وهذا ما يقدح في هيبة الشريعة التي تجمع ولا تفرق.
دائما نصيح أن الفتنة نائمة ملعون من أيقظها، ولا ندري بأن من يوقظها هم حماة الشريعة باصطفافاتهم السياسية التي ينبغي أن يكونوا بمنأى عنها في المشاهد السياسية الساخنة والمشحونة فلا يكونوا طرفا في النزاع وحتى لا تزداد صورة رجال الشريعة سوءا وتشويها وتكون الإساءة لهم مبررة تحت ذريعة التدخل السافر في شؤون دنياهم العامة.