أقلامهم

ذعار الرشيدي: هذا الجنون المنظم، او تلك الفوضى الجنونية للديموقراطية التي نعيشها يجب ان تتوقف.

بلد فقد عقله
ذعار الرشيدي
الديموقراطية إذا تزينت بالدينار فليست بديموقراطية على الإطلاق، وإذا ارتدت بشت القبلية فليس لها من اسمها نصيب، وإذا لبست ملابس الطائفية فهي بذلك تتجه إلى اتجاه لا علاقة له بالديموقراطية لا من قريب ولا من بعيد بل انها تتحول مع النفس الطائفي إلى تنين ديكتاتوري صغير ينفث نار الفرقة. والديموقراطية أيضا اذا ما سقطت بكاملها بين أحضان السلطة لا تعود ديموقراطية، بل عشيقة علنية للسلطة، ونحن في الكويت نعاني من الحالات الأربع للأشكال الديموقراطية التي في كل ممارساتها تقصي الآخر وتلغيه باسم الديموقراطية.
مشكلتنا اليوم ليست في رفض او قبول مرسوم، بل في فك ارتباط الديموقراطية مع الطائفية والقبلية والدينار والسلطة، فتقارباتها مع كل هذه الأشكال الأربعة ستودي بنا الى «60 داهية».
فالجميع وبلا استثناء وبسبب سيطرة الحالات الأربع يمارس من حيث يدري او لا يدري إقصاء الآخر وإلغاءه وتخوينه بل والضرب في نواياه.
هذا الجنون المنظم، او تلك الفوضى الجنونية للديموقراطية التي نعيشها يجب ان تتوقف، ويجب ان نعيد حساباتنا، وان نعود إلى ما قبل العام 1962 يوم أقر الآباء المؤسسون دستورنا، ونعيد تشكيل فكرة الديموقراطية الاولى الحقيقية، والتي تحولت وعلى مدار عقود إلى صراعات سياسية متفرعة كانت معها الديموقراطية مجرد وسيلة فيها وليست غاية.
أي أن نعيد فكرتنا الأصلية الاولى عن الديموقراطية لتكون غايتنا وليست وسيلة لنا او لأي من الأطراف المتصارعة على النفوذ، فهذه الصراعات وتراكماتها وتبعاتها هي ما أدت إلى ما وصلنا إليه اليوم.
المجتمع متشكل من قبائل وطوائف وفئات متباينة، وهذا حال كل المجتمعات، ولكن ان بدأت كل فئة تمارس الديموقراطية حسب ما يوافق هواها، فالأمر هنا ليس له علاقة بالديموقراطية، بل يصبح تفتيتا للديموقراطية وقتلا لها.
الدستور ليس «بوفيها مفتوحا» تأخذ منه ما يناسبك وتترك منه ما لا تشتهي، بل هو كتلة كاملة إما تأخذه بالكامل أو تعلن كفرك المطلق به، فأخذ جزء منه وإهمال جزء آخر يسمى نفاقا سياسيا، وهو أمر يمارسه الكثير للأسف هذه الأيام، والقانون كذلك عندما تطبقه بانتقائية فأنت تمارس الديكتاتورية الجزئية وهذا أيضا يجعل الناس يعودون إلى طوائفهم وقبائلهم وفئاتهم ليحموا أنفسهم من تلك الانتقائية، الأمر واضح والدائرة مغلقة في الحالة السياسية الفوضوية التي نعيشها اليوم، فالكل ارتكب أخطاء الممارسة الديموقراطية وبالتالي وقعنا في حالة فوضى سياسية تبدو لا متناهية، والتي يجب ان تتوقف بان يعود تطبيق القانون كاملا على الجميع، ومعه ستختفي الفوضى ويعود الناس لإيمانهم الكامل بالديموقراطية ويتوقفون وبشكل طبيعي عن الاصطفاف طائفيا وقبليا وفئويا.
تطبيق القانون كاملا وعلى الجميع دون استثناء وعلى الكبير قبل الصغير وعلى الغني قبل الفقير ودون انتقائية سيعيد لبلدنا عقله الديموقراطي، وستدور عجلة التنمية دون تدخل من احد وستختفي كل الألوان الزرقاء والبرتقالية.. والحمراء.