أقلامهم

يوسف المباركي: مهمة المجلس المقبلة هي نحر الدستور كي تحقق الحكومة هدفها الذي سعت اليه منذ خمسين عامًا.

المقاطعة.. منهج المعارضة والقوى الوطنية
يوسف مبارك المباركي
لم أستغرب تحرُّك بعضهم، واحيانا بتوجيه انتقادهم للذين اعلنوا مقاطعة الانتخابات التي ستجرى في 2012/12/1، متناسين ان المجتمع الكويتي المسالم انتهج المعارضة السلمية منذ نشأته، وهذا الاسلوب ليس بجديد على القوى الوطنية، وسأذكر القارئ الكريم بتسلسل احداث المقاطعة كلما حادت السلطة عن التزام الدستور تتم مقاطعتها، فكان اول اعتراض على مسلك تقييد الحريات عندما قدمت قوانين مقيدة لها ومتناقضة مع الدستور وصوتت مع اغلبية تابعة لها، مما حدا ببعض النواب الى تقديم استقالاتهم، وذلك في 7 ديسمبر 1965 واعادت فعلتها بتزوير الانتخابات امام العالم عبر التلفاز في عام 1967 حتى سمي «المجلس المزور»، كي تسقط المعارضة – آنذاك – فتقدم بعض الاعضاء، باستقالاتهم، الى ان جاء خطاب الشيخ جابر الاحمد – رحمه الله – ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – آنذاك – فكان دعوة إلى المشاركة في الانتخابات التي تلت المجلس المزور، عندما شعرت الحكومة بعزلتها في عام 1970.
وتكرر المشهد ذاته بعد الانقلاب الثاني على الدستور عام 1986، وما تلاه من حركة دواوين الإثنين، والدعوة الى بدء الحوار الذي استمر قرابة ثلاثة اشهر في فبراير 1990، حيث طالبت الامة بكل اطيافها بضرورة الالتزام بالعمل بأحكام الدستور 1962 وعودة مجلس الامة، الا انه كان الحوار عبارة عن «مناورة سياسية»، لكسب الوقت وانشاء ما يسمى المجلس الوطني، فكان القرار كالصاعقة على الامة، لكن لم يُتوقع رد الفعل الشعبي، الذي تمثل بعريضة المرحوم العم عبد العزيز الصقر باصدار بيان موقّع من 194 شخصية، يمثلون عوائلهم وشرائح سياسية واقتصادية، شرحوا فيه وجهة نظرهم في المقاطعة، كما توالت بيانات المقاطعة من تكتل نواب مجلس 1985، وكذلك هيئات المجتمع المدني، متمثلا ببعض جمعيات النفع العام حتى كانت نسبة الاقتراع %41 وفق اعلان «كونا» في تمام الساعة الــ 7 مساءً، ولكن بقدرة قادر تغير الرقم الى %62، ولم تعلن وزارة الداخلية حقيقة النتائج، ولكنها اكتفت باعلان الفائزين الاول والثاني، ومقارنة بانتخابات عام 1985، فقد كانت نسبة الاقتراع %85 من دون تهديد او ترغيب او ضغط اعلامي يفترض ان تزيد النسبة، الا ان المقاطعة نجحت في عام 1990، واليوم بعد ان تم تغيير آلية التصويت توالى صدور الاعلانات من التكتلات السياسية الفاعلة على الساحة باعلان مقاطعة الانتخابات ترشيحا واقتراعا حتى من اقرب الناس للحكومة الذين اضطروا الى المقاطعة، على الرغم من ارتفاع عدد المرشحين، فإنهم لا يمثلون القوى السياسية – مع تقديرنا لشخوصهم – فنجحت المقاطعة في المرحلة الاولى، وستبقى المرحلة الاخيرة يوم الاقتراع في 2012/12/1 ليعرف الجميع ان الموضوع اكبر من الصوت الواحد، فالمستهدف في المرحلة المقبلة هو هذا الدستور الذي تم الاحتفال به، لتكون مهمة المجلس المقبلة هي نحره كي تحقق الحكومة هدفها الذي سعت اليه منذ خمسين عاما، حتى يأتي بمجالس صديقة للحكومة.. لا تُساءل ولا تراقب، وانما «مجالس طرمان». من هنا ادعو الحكومة بقلب مخلص الى ان تقف وقفة تأمل مع النفس ومراجعة الذات، ماذا انجزت الحكومات المتعاقبة منذ آخر عشر سنوات؟! فالناس لا يريدون «منحاً»، وانما يريدون خدمات تعليمية وصحية واقتصادية واسكانية وجامعة.. إلخ، وهم يرون مليارات الدولارات تذهب للخارج ولا تعمر في بلدهم! كل هذا القصور سببه مجلس الامة، كما يرون المناقصات ترسو على بعض الاطراف، وبعض المشاريع تُسرق امام اعين السلطة والشعب، ولم يروا واحدا من المسؤولين او المقاولين المنفذين لتلك المشاريع منذ خمسين عاما من ابتداء حكم الدستور خلف القضبان، لكن الحكومة تمارس الملاحقات على المغردين وكل من يخالفها الرأي فقط.. الكويت تُنحر بأيدٍ كويتية صرفة!
اللهم احفظ الكويت وشعبها ودستورها من كل شرير ومتآمر.