أقلامهم

عواطف العلوي: الحكومة في وطني تقول لك: «رأيك لا يصعِّد ولا ينزِّل، واللي مو عاجبه يشوف له ديرة ثانية»!

مندهشة
انتخابات.. غير الانتخابات! 
عواطف العلوي
الانتخابات هي السمة المميزة بل والرئيسة لأي نظام ديمقراطي في العالم.. هي الوسيلة التي أتاحها هذا النظام للشعب ليعبر من خلالها عن إرادته الحقيقية واختياراته وتوجهاته تحت مظلة قوانين ولوائح تكفل له ممارسة تلك الانتخابات بعدالة وحرية ونزاهة..
من دون انتخابات، تنعدم صفة الديمقراطية، ومن دون انتخابات «حقيقية» نزيهة يشارك فيها غالبية الشعب، فإن تلك الديمقراطية ممسوخة، مجرد مسرحية ممثلوها دمىً خيوطها بأيدي سلطات وحكومات ديمقراطية شكلاً دكتاتورية واقعًا، تحاول بها خداع المراقبين وتقنع بها الحمقى والمتحامقين بأنها حامية للحقوق كافلة للحريات حافظة للكرامات!
بعض الدول تشترط أن تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات 50 بالمئة من عدد من يحق لهم التصويت من مواطنيها، وإلا تُلغَى تلك الانتخابات وتعاد مرة ثانية.
وهناك دول مثل بلجيكا تفرض غرامات مالية على كل مواطن يتخلف عن أداء واجبه الوطني تجاه بلده والمتمثل في التصويت، سعيا منها إلى تطبيق الديمقراطية الحقيقية، وإتاحة الفرصة للجميع ليتمكن كل فرد من اختيار من يمثله ويدافع عن حقوقه ومصالحه، بل إن العقوبة تصل إلى حد العقوبة الحبسية النافذة وإزالته من كشوف الناخبين لعشر سنوات إذا امتنع عن التصويت أربع مرات في غضون 15عاما، يُحرم خلالها حتى من التعيينات والترقيات في الدولة، ولا يُعفى أحد من هذا الواجب إلا في حالات معدودة حددها القانون البلجيكي!
وأكثر من ذلك، فقد سمحت للمقيمين على أرضها من دون المواطنين بالانتخاب، اختيارا لا إجبارا، لتكفل لهم ممثلين في البرلمان يدافعون عنهم ويحمونهم من الجماعات والأحزاب المعادية للمهاجرين والأجانب! (سمعتوا يا «بدون» الكويت؟!).
يحدث هذا في الدول التي تدرك وتقدر أهمية الانتخابات «الحقيقية» ودورها في تعزيز العدالة والمساواة، وحفظ الحقوق للجميع ما ينعكس إيجابا في احترام المواطنين لحكومتهم، وافتخارهم بها وبكونهم عناصر فاعلة مشارِكة في القرار وفي المنظومة التشريعية والتنفيذية في البلد، مما يحقق الاستقرار والأمان الاجتماعي، ليتفرغ الناس للإنتاج والإنجاز والتنمية.. «الكلمة الأخيرة عورت قلبي»!
أما هنا.. في وطني، فالحكومة تقول لك: «شاركت ولاّ عنَّك ما شاركت! رأيك لا يصعِّد ولا ينزِّل، واللي مو عاجبه يشوف له ديرة ثانية»!
انتخابات لا يشارك فيها إلا أقل من 40 بالمئة ممن يحق لهم التصويت من أبناء الكويت.. وتفرز مخرجات تمثل أقل من ثلث الشعب، ومع ذلك لا تكلف الدولة نفسها دراسة النتائج وقراءة أسباب المقاطعة والعزوف عن التصويت! طبعا أنا هنا أدَّعي أنني أحسن الظن بالحكومة وبأنها «تجهل» الأسباب يا «ضناي» بعد كل تلك الاحتجاجات والمسيرات والتجمعات والندوات المناهضة للتعديل الذي سُنّ بمرسوم ضرورة يخالف الدستور، ويرمي وراء ظهره تطلعات ورغبات غالبية الشعب.. وبعد مناشدات من الصغير والكبير لسمو الأمير للتراجع عن هذا المرسوم الذي عبث بالدستور وفتّت وحدة الصف ومزق نسيج المجتمع..! بعد هذا كله.. لم تحسن الحكومة قراءة المقاطعة بعين الراعي المسؤول عن رعيته، بحنكة معاوية الذي حفظ الشعرة بينه وبين الناس من أن تنقطع، بحكمة الأب الذي يهمه أن يعصم أبناءه من الفرقة والتناحر! ثم يطالبوننا بالاستسلام والقبول بواقع هو أشبه بصفعة تنتهك كل ما غرسه الدستور فينا من عزة وكرامة، يتوقعون منا أن نخون كل من ناضلوا سنوات وسنوات لأجل الحفاظ على الدستور ليصل إلى جيل بعد جيل محفوظا من العبث والتهميش!
أقولها كما قالها عشرات الألوف في مسيرات الكرامة.. هذا المجلس لا يمثلني..!