أقلامهم

حسن جوهر: الشعب الكويتي مهما اختلف بعموم مكوناته وشرائحه، يظل وفياً لبعضه بعضاً في الملمات.

وفاء الكويتيين! 
 
كتب المقال: د. حسن عبدالله جوهر
كل الشكر والتقدير لجميع من عبّر عن مشاعر الحزن والمواساة لوفاة المرحوم الوالد، تغمده الله برحمته وجميع موتى المسلمين، وأسبغ على بلدنا وشعبنا نعمة الخير والأمان.
كتبت قبل سنوات وبالتحديد عند وفاة الشيخ سالم الصباح، «بوباسل»، رحمه الله أن الشعب الكويتي مهما اختلف بعموم مكوناته وشرائحه في المواقف السياسية تجاه الأحداث المختلفة، يظل وفياً لبعضه بعضاً في الملمات، ولذلك ترى تلك الالتفافة الجميلة التي تسطر النسيج الكويتي بطوائفه وعوائله وقبائله ومناطقه المختلفة، وبمشاعر تلقائية صادقة تفتح معها آفاقاً كبيرة من الأمل بأننا بخير، ويمكن أن نعود إلى بعضنا بعضاً بسهولة ودونما عناء أو كلفة.
ويتوج هذه الحالة، ولعلها من النوادر في حياة المجتمعات والشعوب، وجود الحاكم والمحكوم والشخصيات العامة وكبار المسؤولين ومجاميع المواطنين من الأهل والأصدقاء مع بعضهم بعضاً في ذات الزمان والمكان، أما الغالب الأعم من الناس فقد لا تربطك معهم معرفة سابقة أو لم تكن قد التقيت بهم، ولكن تجدهم يحرصون على القيام بأداء الواجب الاجتماعي، ويشعرونك بأنك جزء حقيقي من كيانهم، ويغمرونك بالعواطف والأحاسيس الطيبة والجياشة والوفاء بأسمى صوره وبمختلف أشكال التعبير.
ولعلي قلتها مراراً وفي مناسبات عدة يمكننا بالفعل استثمار الكثير من الظروف، خصوصاً تلك العصيبة واستغلالها من أجل رأب الصدع والتحاور والمكاشفة مهما كانت اختلافاتنا ومشاكلنا ودون الحاجة إلى الأضواء الإعلامية واصطناع البطولات، لأن بلدنا يستحق ذلك منّا جميعاً، فما نراه اليوم من تداعيات للمشاكل السياسية وصولاً إلى أروقة المحاكم بكل درجاتها بما في ذلك المحكمة الدستورية يجعلنا ندور في حلقة مفرغة ودوران مكرر.
الخاسر الوحيد فيها الكويت لأنها تستنزف من الداخل، وتتجمد فيها كل أشكال الطموح.
وهذا النوع من الحوار وهذه المصارحة لا يعنيان بأي حال من الأحوال أن يتنازل أي طرف عن قناعاته وأولوياته ومواقفه، فمسائل الاختلاف والتباين هي سمة إنسانية ما دامت هذه الحياة قائمة، ولكن الدعوة إلى احترام الرأي والرأي الآخر في إطار الدستور والقانون، وفيما بين هذه الاختلافات يفترض أن تبقى أخلاقيات الاختلاف وحصره في حجم الطبيعي مهما كبر، ولا عيب في ذلك أبداً في رأيي مادمنا ابتعدنا عن الشخصنة من جهة، وتنصيب أنفسنا كقيّمين على الآخرين من جهة أخرى!