أقلامهم

إيمان شمس الدين: المماطلة والتخدير كلها أدوات لم تعد تجدي نفعاً أمام الاضطهاد الذي يعاني منه «البدون».. فهل وصلت الرسالة؟

بقعة ضوء
«البدون» واليوم العالمي لحقوق الإنسان
إيمان شمس الدين
تمر علينا هذه الأيام الذكرى الرابعة والستون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي كان أحد أسباب صدوره هو حماية حقوق الإنسان، لكي لا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
وقد قبلت الكويت بهذا الإعلان وحمى نظامها الديموقراطي الدستوري حقوق الناس، واعتبرهم سواسية في الكرامة الإنسانية، والكرامة لا يمكن تحققها إلا بتحقق العدالة التي تحمي حقوق الناس، وتحفظ لهم حقهم في العيش الكريم من تعليم وصحة وعمل وهوية وانتماء، وتحقق الأمن والأمان والاستقرار.
وتاريخياً، في الخليج الانتماء إلى الأرض كان يحدده السكنى وعمارة المكان وزراعته والعيش فيه وتطويره وإنماؤه، فمن عمّر أرضاً بالزراعة ملكها وفق حكم الإسلام. وفي النظم الديموقراطية يتحدد الانتماء من خلال المساكنة في الدولة والمعايشة، وتقديم خدمات للدولة وحسن السير والسلوك، وعلى ضوء ذلك يمنح هؤلاء الأفراد المهاجرون حق امتلاك هوية البلد.
والبدون – هذه القضية التي بدأت معاناتها منذ عام 1986 باجتماع اللجنة السرية التي خرجت بتوصيات تفيد الدفع باتجاه التضييق عليهم في جميع مناحي الحياة بما فيها وأهمها التعليمية والوظيفية – هم ليسوا مهاجرين، فأغلبهم أبناء هذه الأرض، وجلهم قدم خدمات جليلة للوطن، بل إنهم رغم كل معاناتهم لم يخرج غالبهم لغير الكويت، لأن لا وطن لهم غير الكويت، كما يدعي كثر.
وعلى الرغم من مرور عقود على معاناة هذه الفئة وتقديم وعود كثيرة من حكومات متعاقبة فإنها كانت بمنزلة وعود إما ترقيعية زادت من معاناتهم، وإما تخديرية أخّرت حراكهم المطلبي لكسب مزيد من الوقت والتضييق عليهم أكثر، عل البعض يضطر لاستصدار أوراق ثبوتية مزورة ليذهب حقه في الجنسية، أو عل البعض الآخر ييأس فيضطر إلى مغادرة الكويت والتنازل عن حقوقه في المواطنة.
واليوم لم يعد يحتمل «البدون» وضعهم لتفاحل الظلم ضدهم، فإما حلاً جذرياً لقضيتهم، وتحقيق العدالة بحقهم لتحقق كرامتهم، وإما سنبقى في دوامة المطالبات من خلال جميع الوسائل السلمية، حتى لو لم ترخص لهم الدولة ذلك بحجج أمنية، لأن الاستقرار والأمن مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بتحقيق العدالة.
فالمماطلة والحلول الترقيعية والتخدير كلها أدوات لم تعد تجدي نفعاً أمام الجوع والظلم والاضطهاد الذي يعاني منه «البدون»… فهل وصلت الرسالة؟