أقلامهم

وليد الرجيب: الفساد يترافق مع غياب ضمانات الديموقراطية والحريات، فالقمع وتقييد الحريات هو ما يشرعن للفساد.

أصبوحة / مكافحة أم شرعنة الفساد؟
وليد الرجيب
يُعرَف الفساد السياسي بمعناه الأوسع بأنه إساءة استخدام السلطة العامة (الحكومة) لأهداف غير مشروعة، وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية، وتتنوع أشكال الفساد السياسي مثل الواسطة والمحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال، (ويكيبيديا بتصرف).
وكل ذلك يجري تحت سمع وبصر القانون، أو من خلال تطويعه أو التعسف باستخدامه لتمرير الفساد الذي عادة يسهل النشاطات الإجرامية مثل الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال، كما أنه يتيح صلاحيات واسعة لأجهزة الأمن في توجيه الاتهامات للمعارضين واتخاذ إجراءات بحقهم، وهو ما يجعل من الصعب حينها وضع حد فاصل بين ممارسة الصلاحيات والفساد أو ما يمكن تسميته بالتعسف في استخدام القوانين أو استخدامها لصالح قوى الفساد.
الفساد والتنمية لا يجتمعان، بل يؤدي الفساد إلى تقويض التنمية الاقتصادية، بل قد يؤدي إلى حالات عجز ضخمة، كما يولد الفساد تشوهات اقتصادية في القطاع العام عن طريق تحويل استثمار المال العام إلى مشروعات رأسمالية تكثر فيها الرشاوى والعمولات لترسية المناقصات، ولهذا الغرض يتم تعمد إفشال مشروعات القطاع العام عن طريق التعقيدات الفنية تمهيداً لتنفيع القطاع الخاص، إضافة إلى تردي الضوابط مثل البيئة ونوعية الخدمات بمختلف أشكالها وعدم الالتزام بضوابط البناء الآمن ومراقبة سلامة الأغذية.
والفساد يوقف تطور البنية التحتية والخدمات الأساسية، ويتيح استخدام المال العام الضروري لتطوير الاقتصاد واستثماره لصالح رفاه وتقدم الشعب، من أجل تحقيق المنافع الضيقة للمقربين، وتمكين أصحاب النفوذ للاستيلاء على ثروة البلاد ومداخيلها بطرق مختلفة غير نزيهة.
والفساد يحتاج إلى أدوات لتمريره مثل غياب الرقابة والمحاسبة البرلمانية عن طريق إيجاد برلمان طيَع ومتواطئ ومستفيد من الفساد أو ضالع به، وكذلك إيجاد حكومة بيروقراطية تنفيذية وليست صاحبة قرار.
يقول تقرير شركة الشال الاقتصادية المنشور في جريدة القبس بتاريخ 9 ديسمبر الجاري: «ضمن مكونات المجلس الجديد فائزون ممن تم اتهامهم بقضايا الإيداعات وغيرها، بينما واحدة من حجج التغيير (يقصد تغيير القوة التصويتية إلى صوت واحد) هي تمرير تشريعات مكافحة الفساد ثم محاربته، وأصبحت مهمة كهذه من دون معنى حقيقي وخمسة نواب جاءوا ممثلين للأمة بأقل من 900 صوت لكل منهم في دائرة بلغ ناخبوها أكثر من 118 ألف ناخب» (انتهى).
وكما أن التنمية الاقتصادية لا تتحقق في ظل عدم الاستقرار السياسي، فإن الفساد يترافق مع غياب ضمانات الديموقراطية والحريات، فالقمع وتقييد الحريات هو ما يشرعن للفساد.
إذاً لا يمكن مكافحة الفساد بالتصريحات وبقوانين غير فاعلة، بل يحتاج الأمر وعلى أرض الواقع شفافية وإطلاق للحريات وتحقيق للديموقراطية الحقيقية وتحقيق للعدالة الاجتماعية والمساواة في تطبيق القوانين على الجميع.