أقلامهم

عبدالعزيز الكندري: الشباب في كل يوم يمر عليهم يرفعون سقف مطالبهم، والوقت لصالحهم لأن ليس لديهم ما يفقدونه.

ربيع الكلمات / الشباب… أصبحوا رجال دولة
عبدالعزيز الكندري
كانت اللعبة السياسية في السابق تكون داخل الملعب، فالكل يعرف قوانين اللعبة…، سواء كانت الخطة هجومية أو دفاعية، وكانت هناك لغة ونبرة مفهومة بين السياسيين والحكومة على حد سواء، وعلى مدار عشرات السنين، وبطرق مختلفة، حتى من قبل الكتل السياسية المختلفة يستخدمون الاسلوب نفسه وبأدوات مختلفة، ويطلبون من الشباب أن يتبعوهم في كل الأمور تقريبا.!
ولكن في عصر أجهزة التواصل الاجتماعي خصوصا «تويتر» و«فيسبوك» أصبح الشباب واعيا أكثر من السياسيين أنفسهم، خصوصا في زمن «الربيع العربي» الذي لا يزال في أوله وبداياته، فأصبح الشباب يأخذ الخبرات عبر هذه الأجهزة الحديثة، ويتداعى للتجمع في أماكن محددة ووقت معلوم وتجد هناك آلافاً من الشباب تلبي النداء مع بعضها البعض، حتى أن أكثر المحللين السياسيين لم يعودوا يفهمون لغة الشباب وبالتالي تحليلهم سيكون مغلوطا وغير دقيق… مع مكابرة منهم، فكيف يكون شكل الاستشارة والتوصية.
يجب أن نفهم لماذا خرج الشباب في المسيرات المختلفة، ماذا يريد وما هي مطالبه؟، وهل سيقف أم سيكمل مشواره السياسي؟ وهل الاستقواء بالأطراف الخارجية سيحجم ويمنع الشباب من التظاهر والخروج؟ وهل الطرق والوسائل التى كانت نافعة في السابق ستنفع الآن وتكون ناجعة؟ 
من الواضح بأن الشباب من أحرار الكويت لن يتوقف حتى يحقق ما يريد، وسيكمل مشواره بكل تصميم، بل وفي كل يوم يزيد في صلابة مواقفة، ولعل موقفهم من رفض دفع الكفالات المالية لخروجهم من من الحجز خير مثال على ذلك، وهي تعتبر سابقة تحسب لصالحهم.
الشباب له مطالب واضحة ومحددة، وهي إصلاحات جدية وجذرية والخروج من الحلقة المفرغة وبأقصى سرعة ممكنة وقبل فوات الأوان، وهو يرى كيف أن الفساد مستشرٍ في مؤسسات ومفاصل الدولة المختلفة، الشباب يريد أن يشعر بحرية وكرامة وعدالة اجتماعية، وهم في الوقت نفسه تجاوزوا خلافاتهم لمصلحة عليا وهي الوطن، والتي ما زالت موجودة لدى السياسيين الكبار، حيث لم يستطيعوا تجاوز خلافاتهم بعد. 
يجب على الحكومة ألا تفرط في الطمأنينة نتيجة هذه الأحداث التى يقودها الشباب لأنها تجري خارج الملعب وبأدوات جديدة مختلفة عن السابق كما بينا، ولكن تحتاج تشخيصا واضحا وصادقا ودقيقا ووضع المجاهر الفاحصة والكاشفة لتفهم الأمور بشكل حصيف، وما يحدث حولنا يجب أن تستوعبه الحكومة، خصوصا وأن الربيع العربي بدأ يطرق الباب من الجار الشمالي وهو «العراق»، وهو بالقرب منا، ووضع الرأس في الرمل هو الأخطر على الإطلاق أو انتظار الربع ساعة الأخيرة…خطر جدا وعيش بالوهم، فالمبادرة الحكومية الإصلاحية مستحقة الآن، والأمراض الجديدة تحتاج عقاقير هي الآخرى جديدة غير التي كانت تستخدم في الماضي.
الشباب في كل يوم يمر عليهم يرفعون سقف مطالبهم أكثر فاكثر، والوقت لصالحهم لأن ليس لديهم ما يفقدونه أو يخسرونه، فهم صادقون مخلصون في مطالبهم، والضرب بيد من حديد على مطالبهم لن يوقفهم، بل يسبب بزيادة مساحة الحريات، هكذا تعلمنا من التاريخ. ولماذا يصدق الشباب حسابا على «تويتر» ويتبع تعليماته، ولا يصدق أجهزة الإعلام التي تتبع الحكومة؟… إنها أزمة ثقة بين الطرفين، والثقة في حال فقدانها من الصعب جدا اكتسابها من جديد، والشباب اليوم بطريقة تفكيرهم وحراكهم فعلا أصبحوا رجال دولة، وستتحقق مطالبهم.