أقلامهم

عائشة العوضي: النفاق والتلوّن من أمقت الخصال التي تهدم العلاقات، الانشغال بتفاصيل حياة الآخرين يهدّ بروج الراحة.

في العمق / هُنا موْطنُ الراحة
عائشة عبدالمجيد العوضي
النفاق والتلوّن من أمقت الخصال التي تهدم العلاقات، الانشغال بتفاصيل حياة الآخرين يهدّ بروج الراحة من أقصاها، ممارسة الخبث والدهاء بشكل يومي يُضعف الحس الأخلاقي ويُميت الضمير، أي حياة يعيشها أناس كهؤلاء؟ أتخيل أن سوادها سرمدي، ضحكاتهم فيها مصطنعة، كلامهم مغلف بطيبةٍ فقدت أصلها، أثقلوا كواهلهم بهمومٍ لا طائل من ورائها ولا منفعة، تنقاد أنفسهم لنزعات الحقد الأعمى، يفسدون قلوبهم بالضغائن، تتسرب الراحة في العلاقةِ معهم كما يتسرب الماء من الإناء المثلوم! 
تمر على حياتنا أنماطٌ متعددة من شخصيات الناس، من بينهم ذلك الذي ذكرت في البداية، ذلك الشخص الذي فقد الوعي بتصرفاته التي تلحق الأذى بالآخرين، الذي يقتحم الخصوصيات، الذي يمتلك خفة بارعة في ارتداء الأقنعة والتلون، لا وضوح في حياته، يعشق الظلام، كثير الكلام، له أقول.. ماذا جنيت من تتبع أحوال الناس؟ وما نفع الكذب والتقوّل والنفاق؟ هل وصلت للراحة التي تنشدها؟ أُجيب متأكدةً، أن التعب نما، والهمّ زاد، لنصطلح على أنه ليس أرْوَح للإنسان، ولا أجْلى لهمومه من العَيْشِ بقلبٍ سليم، مُطَهَّراً من ثوران الأحقاد والضغائن، مؤمناً بأنّ الأرزاق بيدِ الله يؤتيها من يشاء، راضياً بالنّعم التي تنساق للخلائق، داعياً لمن لحقه أذىً أن يفرّج الله كربه، من هنا تنشأ الراحة النفسية ويتحقق الرضا، هل تتفق معي؟
قال الإمام محمد الغزالي رحمه الله: «ونظرةُ الإسلام إلى القلب خطيرة، فالقلبُ الأسود يفسد الأعمال الصالحة، ويطمس بهجتها، ويعكّر صفوها، أمّا القلب المشرق فإن الله يبارك في قليله، وهو إليه بكل خيرٍ أسرع»، وتأكيداً أذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، «قيل: يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان. قيل: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد»، إذاً الأصل أنّ القلب موطن الراحة، وقد يكون موطن الشقاء، بيدك الخَيار!