أقلامهم

فيصل أبوصليب: الكويت التي نعرفها تغيرت، وأن أبناءها المخلصين أصبحوا يُهانون قولا وفعلا.

كلمات
«سلام» يا كويت ..
كتب د. فيصل أبوصليب
 
نحن نعيش أزمة في الكويت، لن نكذب على أنفسنا، والفاشل هو الذي لايعترف بخطئه، ويكابر دائما، أما الناجحون فهم في حالة تقييم ذاتي لأنفسهم باستمرار، لأن النقد الموضوعي الذاتي، وليس جلد الذات، هو الذي يؤدي دائما إلى التطوير وتدارك الأخطاء. وعلى ذكر الأخطاء، فما أكثرها، وما أغناها لدينا، وهي أخطاء بسيطة وأخرى كارثية، مثل الكذب، أبيضه وأسوده، وما أوفره لدينا أيضا، وما أقبح أصحابه، ومن يتوهم بأن ليست لدينا مشكلة ولا أزمة، عليه فقط أن يشاهد أحد مقاطع اليوتيوب لأحداث قرطبة الأخيرة، ليعرف حجم الأزمة التي نعيشها، وليدرك بأن الكويت التي نعرفها تغيرت، وأن أبناءها المخلصين أصبحوا يُهانون قولا وفعلا ، وعلى قدر المرارة التي شعرنا بها لرؤية شباب الكويت وحرائرها يُطاردون ويُحاصرون ويُضربون ويُهانون بأقذع الألفاظ ، إلا أننا شعرنا بأننا مازلنا بخير عندما سمعنا العبارة التاريخية التي قالها سلام “أنا كويتي..ما انكسر”، فقد لخّص هذا القول البسيط في مفرداته والعميق في معانيه رسالة الكويتي لمن يريد أن يغيّر من تركيبته وطبيعته، فهو غير قابل للإخضاع والخنوع والإذلال، هذا هو الكويتي، بمختلف انتماءاته، حر في كلمته وإرادته، وحريته لا تحدها إلا السماء، لا يقبل القمع كوسيلة للتعامل معه، ولا يستسيغ قيود القهر والظلم، هذه هي الحقيقة، وهذا هو القدر، فهذه ثقافة شعوب لا تتغير بين يوم وليلة، بل تحتاج إلى سنوات طويلة لتغييرها، وحتى وإن تغيرت، فإن تكلفتها دائما ما تكون عالية، لأن الشعوب لا تغير جلودها دون جروح وآلام يتحملها الجميع.
والواقع بأن من يراقب الحراك السياسي في الكويت بنظرة موضوعية يلاحظ نقطة أساسية وهي إصرار المشاركين فيه على الحفاظ على سلمية تحركهم مهما كانت قسوة السلطة في التعامل معهم، فلماذا لا نحافظ على “سلام” الشباب، ولماذا ندفعهم دفعا نحو التمرد والخروج على القواعد؟ فليس هناك من منصف يرى منظر القوات وهي تهين وتضرب شباب وبنات الكويت ويصمت صمت القبور، ولا يعني هذا الأمر الموافقة على التظاهرات في المناطق السكنية وبدون ترخيص، ولكن في كل الأحوال فإنه لا يجوز التعامل معهم بهذه الطريقة، هذه الوسيلة لن تجدي نفعا، وفي النهاية لن تؤدي إلا إلى تدهور الأوضاع وانحدارها نحو منزلق الهاوية، وهذا ما لا يريده أي كويتي ، مهما كان موقفه من هذا الحراك السياسي. ما نحتاجه بالفعل هو حل سياسي أكثر من الحلول الأمنية ، ما نحتاجه هو الحوار السياسي بين مختلف الأطراف للوصول إلى صيغة توافقية، فهذا الوضع الذي نعيشه اليوم غير مطمئن بمختلف المقاييس، ومهما حاولت السلطة حقنه بالمخدر، إلا أنه تبقى هناك علة، والعلل لا تفيدها المسكنات، بل تحتاج إلى علاج جذري.
فما نحتاجه اليوم هو أن نلقي كل اختلافاتنا وراء ظهورنا وأن ننظر للوضع السياسي نظرة متجردة من كل مصلحة، فالوضع السياسي عندنا غاية في الخطورة، هذا هو التقييم الصحيح، ومن يقول غير ذلك فهو مخطئ، والصرخة التي أطلقها “سلام” هي البداية، وبيدنا نحن أن نحدد مسارها، إما إلى خير الكويت واستقرارها، أو إلى غير ذلك.