أقلامهم

غانم النجار: القضايا “مدولة” بالضرورة، شاء من شاء وأبى من أبى، ولن يغير في ذلك الأمر دعم معارض أو احتجاج موال.

التدويل بين المعارضة والموالاة 
كتب المقال: د. غانم النجار
وهكذا حدث ما قد حذرت منه في 13 ديسمبر الماضي، من تحول موضوع تدويل القضايا الإنسانية الداخلية، إلى معركة سياسية بين موالاة ومعارضة. معارضون يريدون الضغط على السلطة للتراجع عن إجراءات اتخذتها، باستخدام التهديد بالتدويل، وموالون يدعمون السلطة بحجة أن التدويل أمر ضد المصلحة الوطنية، فكان أن تحول موضوع التدويل إلى قضية محلية.
 واعتراضنا هنا، بحكم الاختصاص، فني وليس سياسياً، فالقضايا “مدولة” بالضرورة، شاء من شاء وأبى من أبى، ولن يغير في ذلك الأمر دعم معارض أو احتجاج موال، إلا أنه من المفيد التنويه عن أن في الساحة الدولية مجالات أكثر فعالية من غيرها كالمجال الرياضي مثلاً، حين أوقفت “الفيفا” واللجنة الأولمبية الدولية نشاط الكويت الرياضي، بتنسيق محلي كامل.
كان ذلك ممكناً، لأن الهيئات الرياضية ليست تابعة للأمم المتحدة، وتستطيع معاقبة أي دولة لا تتوافق مع لوائحها، فالسلطة الدولية هناك تكاد تكون مطلقة، “والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة”، حسب لورد آكتون.
أما في المجال الحقوقي فلا يوجد مثل تلك السلطة، بل الآليات المتعددة المستويات، والضعيفة الصلاحيات. بالطبع، هناك طرائق عدة معقدة قد تدفع باتجاه تفعيل تلك الآليات، كالحصار، والعقوبات، والفصل السابع من الميثاق، أي استخدام القوة، إلا أن ذلك مسار سياسي أكثر منه إنسانياً، ويحتاج لإنضاج ظروف معقدة لكي يرصدها الرادار الدولي.
كذلك فإنه لا يوجد محكمة دولية، وليست إقليمية، أو قطرية كبلجيكا مثلاً، قادرة على استيعاب انتهاكات حقوق الإنسان التي لا تصل إلى مستوى جرائم الحرب أو جرائم الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية، ويكفي أن ندلل بأنه مع كل ما تم ارتكابه من فظائع إنسانية في سورية، فإنها مازالت لم تصل إلى المدعي الجنائي الدولي مع كل مطالبات مفوضة حقوق الإنسان.
 أما السياسيون المعترضون على مشاركة المواطنين في المحافل الدولية فيبدو أنهم غير مطلعين على المشاركات المتعددة للجمعيات الحقوقية الكويتية، بما فيها مشاركة بعض النواب الحاليين والسابقين، سواء في الإجراءات التعاقدية أو المراجعة الدورية بمجلس حقوق الإنسان، وسيشارك عدد آخر في فبراير في جلسة لجنة الخبراء باتفاقية حقوق الطفل الخاصة بالكويت.
فقد أصبحت مشاركة المجتمع المدني في مثل هذه الفعاليات عملاً مطلوباً دولياً بموافقة الحكومات، دون أن يعتبرها أحد تدويلاً لأي شيء، بل هي جزء من السياق الدولي الحقوقي الإنساني وليس السياسي، بل إنه صار ينظر بعين الريبة لأي دولة لا يشارك منها مجتمع مدني ويقدم تقارير موازية.
وللحديث بقية