أقلامهم

دلع المفتي: علاقات عاطفية استثنائية ظهرت بين عشاق جمعتهم «ساحات الحرية» فوقعوا في حب الكرامة وحب الحب معًا.

ابتسامة خجلي
الحب في زمن الثورة
الاسم: دلع المفتي
قيل لأحدهم: إن ابنك عشق، فأجاب: «أي بأس به؟ إنه إذا عشق نظف وظرف ولطف».
إن الحب حالة وجدانية راقية ترفع مستوى الإنسان وتجمّله، تهذّبه وتلطّفه. انظروا في عيون المحبين.. ستجدونهم غاية في الأدب واللطف.. نظراتهم، وسامتهم، أناقتهم، تهذيبهم.. كل ما فيهم يصبح جميلاً.
بيد أن «البعض» ينكر علينا الحب ويستكثر البهجة والفرح.. وينبش في كتب التاريخ، منهمكا في أصل اليوم ومصدره ليحلله فقهيا وشرعيا، بينما هو مناسبة بسيطة لا أكثر ولا أقل، يوم يحتفي فيه «بعض» سكان الأرض بالخير، وبحبهم وليس ببغضهم، بتقربهم وليس بعدهم، فلماذا التهجّم على تقليد لا يضرّ أحداً، ونواياه حسنة، أليست الأعمال بالنيات؟!
في لغتنا العربية هناك أكثر من 60 اسماً للحب، منها: الصَّبْوة، الهوى، الشغف، العشق، الوصب، الوُدّ، الغرامُ، الهُيام، ولم يبق شاعر ولا شويعر ولا كاتب ولا كويتب لم يذكر الحب في نصوصه.. لكن لم يأت تحريمه ومنعه في أي من الكتب السماوية ولا في سنن الأنبياء. إنه الحب.. واحتفاء بيومه يبارك الجميع للجميع في أجواء مسالمة وهادئة، يتذكرون فيه الأم والأب والأصدقاء والأحبة، يتمنى أن يتصالح فيه المحبون الغاضبون، ويلتقي المتباعدون.. احتفال بسيط وشخصي ليس له أضرار ولا عواقب تهدد البيئة ولا مصير الإنسانية ولا السلم العالمي.
وبما أننا نعيش في ظل «الثورات العربية»، فلقد ظهرت قصص استثنائية لعلاقات عاطفية جميلة بين عشاق جمعتهم «ساحات الحرية» فوقعوا في حب الكرامة وحب الحب معا. ففي ذروة المعاناة تبادل الثوار الشباب مشاعر الفخر والبطولة، وجمعتهم أهداف واحدة ورؤية مشتركة، فالتجأوا لبعضهم من اجل المساندة والحماية، وهم يعيشون على تخوم الموت. ومع هتافات: حرية، كرامة، عدالة اجتماعية، ظهرت كلمة «أحبك»، ومن الوجع انبثق الفرح، ومن البكاء انطلقت الضحكات، وحيكت قصص رائعة تكلل بعضها بالزواج، وكما تتحول الجنازة في بلاد الثورات إلى تظاهرات، هكذا يصبح العرس.. تظاهرة مطالبة بالحرية والكرامة والحق في الحب.
في زمن تتقدمه أخبار العنف، والظلم، وصور المجازر ورائحة الدم ما احوجنا إلى الحب.. إلى أن نضع خلافاتنا جانبا، موالين ومعارضين، مع وضد، سُنة وشيعة، مسلمين ومسيحيين.. لنتفق ولو ليوم واحد فقط على أن نحب بعضنا.. أن نرضى باختلافاتنا وأن نتقبلها. أن نحب أوطاننا لا كراسيها، أن نحب أرضنا لا ثرواتها، أن نحب بعضنا في الإنسانية لا في الدين ولا في المذهب ولا في القومية. نحب بعضنا «في الله».
لتكن ورقة من أوراق التقويم الساقطة من شجرة السنة المملوءة بأوراق الفواجع والعنف والموت.. ورقة واحدة من حق الأبرياء، ذوي النفوس المرهقة أن يلتقطوها ويضعوها في «كتاب الأماني»، فربما تتحقق يوماً ما.
اليوم وكل يوم.. أحبوا.. لتظرفوا وتنظفوا وتلطفوا.. وكل عام وأنتم بحب.