أقلامهم

بدر الديحاني: “ائتلاف المعارضة” خطوة سياسية مهمة بشرط أن يقوم على أسس وطنية لا تكتفي بانتقاد الحكومة.

حول «ائتلاف المعارضة»
كتب المقال: د. بدر الديحاني
لا يمكن أن تنجح الديمقراطية في أي بلد وتتطور ما لم يكن العمل السياسي منظماً، ففوضى العمل السياسي لا ينتج عنها سوى الفوضى العامة التي لا تتناسب مع طبيعة العملية الديمقراطية، لهذا نرى أن الدول الديمقراطية المتطورة تقودها أحزاب سياسية منظمة تنفذ برامج وطنية عامة بعد أن تنال ثقة شعوبها لإدارة شؤونها العامة بينما تطرح أحزاب المعارضة رؤى وبرامج بديلة.
لهذا، فإن الخلافات التي تنشب عادة بين الحكومة والمعارضة في الدول الديمقراطية يكون سببها اختلاف الخطط والبرامج والسياسات العامة التي يطرحها كل منهما، فانتقاد المعارضة للحكومة لا يعني شيئاً ما لم تطرح بديلاً يحوز رضا الناس وثقتهم.
أضف إلى ذلك أن التحالفات والجبهات والائتلافات السياسية التي تشكلها الأحزاب تقوم بالأساس على برامج سياسية محددة، لهذا فهي تتنوع وتختلف بحسب طبيعة المرحلة التي يمر بها المجتمع وشكل الاصطفافات السياسية التي تناسبها، فلا يوجد ائتلاف أو تحالف أو جبهة سياسية دائمة للأبد، فلكل مرحلة ظروفها التي تتطلب شكلا معينا من الاصطفافات السياسية، حيث إن طبيعة المصالح الاقتصادية والظروف الاجتماعية- السياسية في أي مجتمع في حالة تغير دائم.
أما لدينا، فالحكومة ثابتة مع بعض التغييرات الشكلية، فهي لا تأتي من البرلمان من جانب، ولا تشكل بناء على برنامج سياسي محدد من الجانب الآخر، بحيث تأخذ تركيبتها في الاعتبار ظروف المرحلة ومتطلباتها ونتيجة الانتخابات العامة. على الضفة الأخرى، فإن قوى “المعارضة” غير مشهرة وغير منظمة على أساس برامج سياسية وطنية، فهي لا تملك برامج بديلة لما تطرحه الحكومة.
من هذا المنطلق، فإن “ائتلاف المعارضة” المزمع إنشاؤه يعتبر خطوة سياسية مهمة ستساعد مستقبلاً على تطوير أشكال العمل السياسي وآلياته، وستساهم في تحقيق مطالب الإصلاح السياسي والديمقراطي بشرط أن يقوم “الائتلاف” على أسس وطنية صحيحة يأتي في مقدمتها التوافق بين القوى السياسية التي ستشكله، على مشروع سياسي وطني بديل للوضع القائم، بحيث لا تكتفي فقط بتوجيه الانتقاد إلى السياسات الحكومية من دون طرح بديل واقعي وعملي يحظى بتأييد ودعم شعبيين من مكونات مجتمعنا كافة.
كما يجب أن تعبر قيادة “الائتلاف” بشكل واضح عن طبيعة الاصطفاف السياسي الذي تتطلبه المرحلة السياسية الحالية، وأن يكون من مهامها الرئيسة قيادة الحراك الميداني وتنظيمه من جهة وترشيد الخطاب السياسي من جهة أخرى، بحيث يبتعد بشكل كامل عن إثارة النعرات الفئوية والطائفية التي كانت في السابق جزءاً من خطاب بعض أعضاء ما يسمى بـ”الأغلبية”، فساهمت في تشويه صورة الحراك الشعبي الوطني، ما أدى إلى امتناع بعض المواطنين الرافضين للنهج الحكومي الحالي عن تأييده أو المشاركة فيه.
والآن هل تنجح “المعارضة” في مشروعها السياسي الجديد فتنقل العمل السياسي خطوات إلى الأمام؟ أم ستظل أسيرة لطبيعة عملها السابق الذي غاب عنه التنظيم وطغت عليه العفوية وردات الفعل الحماسية والسريعة؟
هذا ما ستبينه الأسابيع القليلة القادمة.