أقلامهم

حسن جوهر: مع هيمنة الفكر الأحادي من الشعوب وليس الحكومات، فإن الكويت والبحرين تعيشان مرحلة متشابهة.

«البحرين غير»! 
كتب المقال: د. حسن عبدالله جوهر
الحراك الشعبي في مملكة البحرين الشقيقة يدخل عامه الثالث في ظل استمرار أزمتها السياسية ودورانها في دائرة مغلقة، الأمر الذي بات يستنزف مقومات هذا البلد الصغير والمسالم.
ولابد من سرد سلسلة من التطورات السياسية التي شهدها تاريخ البحرين منذ بدايات القرن الماضي، حيث تزامنت محطاتها الرامية إلى تحقيق الديمقراطية والمشاركة الشعبية مع الأحداث المشابهة في الكويت سواءً في التوقيت أو المضمون.
فبدايات التعليم الحديث كما بدأت في الكويت في عام 1910 استهلت في البحرين، وبعد مرور عشر سنوات فقط انطلقت أولى خطوات المطالبة بالديمقراطية، وانحسر هذا المد السياسي في الكويت والبحرين معاً حتى النصف الثاني من عقد الثلاثينيات، حيث تم تشكيل أول أشكال المجالس التشريعية، ثم تراجعت التجربتان من جديد حتى عقد الخمسينيات والستينيات، إذ نشط الفكر القومي، ومع استقلال كل دولة تمت كتابة الدستور واختيار أول مجلس منتخب، ثم بدأت البحرين تحذو حذو الكويت سياسياً في كل شيء تقريباً، فمتى ما انحل البرلمان بشكل غير دستوري في الكويت اتبعت الحكومة البحرينية نفس الأسلوب، وفي كل مرة تم تعديل الدوائر الانتخابية للسيطرة على نتائج الانتخابات عندنا اتبعت الحكومة هناك ذات التكتيك السياسي.
والأهم من ذلك عندما بدأ الحراك السياسي الأخير عندنا في الكويت عام 2010 بدأ نفس الحراك في البحرين، بل لجأت المعارضة في الكويت إلى خطوات تصعيدية وسارت المعارضة البحرينية في نفس السياق.
ولكن لنأتي إلى المصداقية والتناقض، فالمعارضة الكويتية الحالية خرجت إلى الشارع لإسقاط الحكومة ورئيس وزرائها، ولكن عندما خرجت المعارضة في البحرين لإسقاط رئيس الوزراء، قال البعض نعم نفس المطالبة ولكن البحرين غير!
وعندما هاجمت القوات الخاصة المسيرات الكويتية في “ساحة الإرادة” والدواوين قلنا هذا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان واعتداء جسيم على الحريات، وعندما احتج البحرينيون لضربهم وإطلاق النار عليهم، قال البعض نعم نفس الإجراء القمعي، ولكن البحرين غير!
وعندما طالبت المعارضة الكويتية بحكومة شعبية ورئيس وزراء منتخب، فإنها تهدف إلى ترسيخ مبدأ الأمة مصدر السلطات، وفي المقابل عندما نادت المعارضة في البحرين بنفس المطلب، قال البعض صحيح هذا مطلب سياسي، ولكنه مرفوض لأن البحرين غير!
وعندما زُج المغردون والنواب السابقون في السجن بتهم عديدة ومنها المساس بالسيادة الأميرية اعتبرت المعارضة هذا الإجراء تعسفاً وانتقائية، ولكن عندما يسجن نواب في البحرين ويعتقل النشطاء، يقول البعض “زين يسوون فيهم”… لأن البحرين غير!
هذا البعد يمثل قمة المأساة السياسية والتناقض المتعمد مع سبق الإصرار لبعض مدعي المعارضة والوطنية والانتصار لمبادئ الديمقراطية والحرية.
والبعد الآخر في هذا التناقض يمثله خصوم المعارضة الكويتية، عندما يرفعون شعار السمع والطاعة في مواجهة المطالبين بالحكومة المنتخبة ويتهمونهم بتنفيذ أجندة خارجية، ولكن ينتصرون لكل مطالب إخواننا في البحرين في عبارة موجزة أيضاً، وهي نعم المطالبات في البحرين هي نفسها في الكويت… ولكن البحرين غير!
ومع غياب المصداقية وهيمنة الفكر الأحادي والنفخ في بوق الطائفية تحديداً، وهذه المرة من الشعوب وليس الحكومات، فإن الكويت والبحرين تعيشان مرحلة أخرى متشابهة، ولكن هذه المرة في القمع والاستفراد بالسلطة ومصادرة الحريات على حساب التفتت والانقسام الداخلي ونهب الثروات، كل هذا لسببٍ بسيط… وهو أن البحرين غير!