أقلامهم

ذعار الرشيدي: جيوب الفقراء ليست آبار نفط تلجأون إليها كلما أردتم أن توازنوا العجز في ميزانياتكم.

الحكومة.. تصلح ساعات
بقلم: ذعار الرشيدي
دافع أحد رواد الديوانية عن رأيه في أن السائقين المحترفين يمكنهم أن يطالعوا هاتفهم النقال ويكتبوا الرسائل النصية دون أن يتسببوا في حادث واحد قائلا وبحماسة شديدة: «خالي كان يصلح ساعته وهو يسوق السيارة»، طبعا بعد أن ألقى جملته الكارثية، توقف قليلا وساد صمت لمدة خمس دقائق في الديوانية، وبدا وكأننا نقف ثواني صمت حدادا على موت «الصدق» الذي ذبحه صاحبنا من الوريد إلى الوريد بقصة خاله، صاحبنا تراجع قليلا عن روايته، وبدأ يعدل فيها بعد أن «تحسف» وقال: «كنت أقصد أنه كان يقوم بتعبئة ساعته وهو يقود السيارة لأنها ساعة من النوع القديم التي تعبأ يدويا» ورغم محاولة الترقيع إلا أنه عاد وابتسم وقال «قوية صح»، هنا ضحكنا جميعا.
***
أحيانا يرتكب الشخص رواية «كذبة مستحيلة» في سبيل تعزيز رأيه من موقف ما، وعادة هذه وسيلة قديمة تتبعها الحكومات في تصريحاتها تجاه أي أمر تريد أن تثبت أنها على حق فيه، رغم أن الخطأ «راكبها من فوقها لي تحت»، كما يستخدم الأسلوب نفسه الساسة وبعضهم يجيده إلى درجة أنه مستعد للكذب وتكرار الكذب حتى يصل إلى نقطة إما أن يصدق كذبته أو يصدقها الآخرون لكثرة تكرارها، والساسة من المولاة والمعارضة يلجأون لهذا الأسلوب الساذج المكشوف الذي لم يعد يجدي نفعا في عصر فضاء الإنترنت المفتوح في سماوات «تويتر» و«فيسبوك» والمدونات وعصر صحافة المواطن.
***
من أغرب ما سمعت أن الحكومة وعلى لسان النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير المالية مصطفى لشمالي تريد أن تعزز من مصادر دخل الدولة عبر رفع الدعم عن الخدمات التي تقدمها، وأن تتحول الدولة من مقدم للخدمات إلى منظم للخدمات، أولا تنوع مصادر الدخل هذه مسؤولية الدولة ولا تأتي من جيب المواطن أو المقيم، وهذا أمر بديهي جدا، جيوب الفقراء ليست آبار نفط تلجأون إليها كلما أردتم أن توازنوا العجز في ميزانياتكم، والأهم أن الدولة لم تكن يوما مقدما للخدمات بل كانت منظما للخدمات التي تقدم للمواطن وكلها ومنذ 25 سنة وهي خدمات سيئة جدا جدا ولا تليق ببلد نفطي ثري، ولكن هذه الحكومة يبدو أن «خالها يصلح ساعته وهو يسوق السيارة» لا تعرف حتى كيف تكذب علينا.
***
أنا شخصيا موافق أن تكذبوا علينا، ولكن اكذبوا صح!