أقلامهم

إيمان شمس الدين: تأجيل الاستجوابات وتشكيل معارضات لا يصنعان مشروع دولة، لأنهما مبنيان على سياسات انفعالية.

بقعة ضوء
أين مشروع الدولة؟
الاسم: إيمان شمس الدين
? ظاهرة انتشار الفساد المستشري مؤشر كاف على غياب الدولة ومشروعها الإنمائي. لذا، يعيش المواطن حالة من الإحباط السياسي، مما يعطل الوقود البشري الأساس لبناء الأوطان.
تتميز الدول المتقدمة عن مثيلاتها من الدول بوجود مشروع متكامل لبناء دولة قوية عادلة، يكون حجر الأساس فيها الإنسان، بما يشكّله من طاقات وقدرات ومهارات ومواهب، والمجتمع بما يمثّله من ركيزة وساحة للفعل والانفعال والتفاعل.
يرتكز المشروع على التنمية بجميع مصاديقها، سواء في الإنسان أو في العمران، على مرتكزات، أهمها: التعليم والتربية والخدمات، خصوصاً الصحة لمحوريتها بحياة الإنسان، والتطوير والتجديد والاقتصاد.
وتطبيق هذه المشاريع وفق استراتيجياتها السليمة يقلل من نسب الفساد والمفسدين، ويجعل هامش تطبيق القانون أكبر، وتطعيم بنية الدولة ومؤسساتها بالدستور والقانون أعمق، ويضع الدولة على سكة الدول المتطورة، والفرد في هذه الدولة يصبح فرداً منتجاً أكثر منه مستهلكاً.
ولو قارنا ذلك بواقعنا في الكويت، للمسنا بوناً شاسعاً يدلل على غياب مشروع الدولة، بل غياب حقيقة مفهوم الدولة، ولست بصدد تفنيد الأدلة، ولكن مؤشراً واحداً يكفي للتدليل على ذلك، وهو مؤشر انتشار الفساد في مؤسسات الدولة وازدياد عدد المفسدين.
فتأجيل الاستجوابات وتشكيل معارضات لا يصنعان مشروع دولة، لأنهما غالباً مبنيان على سياسات انفعالية مؤقتة وليس على استراتيجيات سياسية تحكمها خطط ورؤى منهجية. بل تتحكم غالباً في لعبتنا السياسية الداخلية قواعد، أهمها شخصانية وقبلية ومذهبية وتيارية، تريد فيها كل جهة أن تأخذ النصيب الأكبر من الكعكة، وتحرز لها مواقع نفوذ تمكّنها مستقبلاً من الضغط على الحكومة لتحقيق مكاسب، ليست للكويت والمواطن وإنما للعصبيات والانتماءات وتكديس الثروات.
إن ما تحتاج إليه الكويت اليوم هو مشروع دولة حقيقي، مبني على أساس رؤى ومنهجيات استراتيجية تتراكم مع التجربة والخبرة، وتتفاعل وتنفعل مع المحيط، يشكل فيها العنصر البشري حجر الأساس كمكون رئيسي في المشروع، قادر على التغيير، ومحقق لمبدأ الاكتفاء الذاتي، خصوصاً مع وجود تجارب محيطة حققت – واقعاً – تقدماً في اكتفائها الذاتي، معتمدة على العنصر البشري الداخلي، وهو ما يعتبر حجة قوية للبدء، وإن كانت خطوة متأخرة، فهي خير من ألا تأتي أبداً.