أقلامهم

عبدالعزيز الكندري: تصرفات أعضاء مجلس الأمة بصوت واحد الاستفزازية، دليل على إن أيامه باتت قصيرة.

ربيع الكلمات / هل ذات الوطن مصونة؟
عبدالعزيز الكندري
سماع الأخبار وقراءة الجرائد أصبحت ضارة جدا بالصحة، خاصة في زمن مجلس الأمة بصوت واحد بسبب تدني مستوى ولغة الحديث بين أعضائه، الذي كانوا يبشروننا في بدايته بأنه المجلس الحلم الذي يحقق الآمال ويقضي على الآلام…، وإذا به الأسوء بكل المقاييس من حيث عدم التزام أعضاء مجلس الأمة بحضور اللجان البرلمانية والتى تمثل المطابخ الحقيقية لصنع القرارات، حتى شاهدنا رئيس لجنة حماية الأموال العامة يقدم استقالته بسبب عدم التزام أعضاء اللجنة بالحضور!
كانوا يعيبون على المجالس السابقة بأنها كانت تجتمع خارج المجلس، وها هم يمارسون الدور نفسه بالطريقة نفسها ولكن الاختلاف بأن في المجالس السابقة كانوا يجتمعون من أجل الاتفاق على برنامج عمل وليس النظر بطلب الحكومة سحب الاستجوابات! كانوا يعيبون على المجالس السابقة بأنها تدغدغ عواطف الناس بلا إنجازات… وها هو مجلس بصوت واحد يطالب بإسقاط القروض، وراتب لربة المنزل التى لا تعمل يعني تأخذ راتبا بلا جهد أو مجهود، وزيادة قرض الإسكان ورفع بدل الإيجار التى تصب في مصلحة التاجر… والحقيقة أن المجلس السابق كان مجلس انجاز بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهذا واضح من خلال القوانين التى أنجزت في 3 أشهر فقط وعلى عكس ما يروج تماما…
مجلس بصوت واحد خيب الآمال حتى بمن أيده، وهو لا يعبر عن أبسط متطلبات واحتياجات الناس، والناس عموما ماذا يريدون غير شوارع صالحة للاستخدام ومن غير ازدحام، وظائف حقيقية لآلاف الشباب على قائمة الانتظار، تعليم جيد لأبنائهم وهم يرون أبناء المسؤولين في المدارس الخاصة!، يريدون العدالة والمساواة وسيادة القانون، يريدون تنمية بشرية حقيقية، يريدون مستشفيات تشخص بطريقة سليمة، لحوما صالحة للاستخدام الآدمي، محاسبة من أدخل المواد الغذائية الفاسدة إلى بطون الناس، يريدون حكومة تعيش في عصر التواصل الاجتماعي تعرف كيف تتفاهم مع الناس عبر «تويتر» ولا تخاطب الأموات وتعيش في أزمان فائتة ولا تعرف سوى لغة سوف وسنعمل وسنحاسب وسنطبق والتى تدل على التسويف وعدم الجدية…
مؤسف أن نشاهد سياسيين ومثقفين كان يشار إليهم بالبنان في السابق ولكنهم اليوم يسيرون على هوى الحكومة ويفعلون ما يطلب منهم دون أي اعتبار لنفوسهم وذواتهم، فمن لا يحترم ذاته كيف سيحترم الآخرين، أستغرب من الكاتب والمثقف والسياسي الذي يبيع ضميره بمقابل… هناك أمور لا تباع وإذا بيعت سيظهر ذلك بوضوح، لأن الناس أصبحوا أذكياء في زمن التواصل الاجتماعي، ولن يستطيع أحد قلب الحقائق كما كان يفعل في السابق. 
تخيل أخي القارئ لو كانت ذات الوطن مصونة… ماذا تتوقع أن يقول…؟، ماذا سيقول عن الذين باعوا ضمائرهم للآخرين، وعن الذين استباحوا أموال البلد وخيراته وأصبحوا معاول هدم عن طريق مؤسسات ووسائل إعلام مختلفة، وعن الذين يمزقون نسيج الوطن، ماذا سيقول عن أبنائه الذين لم يكونوا أوفياء في أداء أماناتهم… أعتقد بأنه سيقول الكثير الكثير ولكن لن يشعر بهذا الشعور إلا أصحاب الضمائر الحية الذين يحبون أوطانهم ويبذلون الغالي والنفيس في سبيله ويترجمون ذلك بشكل أعمال حقيقية تساهم برفعته.
من الواضح بأن أيام مجلس الأمة بصوت واحد باتت قصيرة، وهذا واضح من خلال تصرفات بعض أعضائه الاستفزازية ومن خلال كثرة الاستجوابات المقدمة، حتى أن بعض أعضائه بدأ يطالب بحله، مع أنه في «جيب الحكومة» كما قال أحد الأعضاء، والحكومة تحاول إيهامنا بعكس ذلك، حيث انها تريد أن تثبت بأن هذا المجلس له أنياب وبه صقور وليس فقط حمائم… ولكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة.