عربي وعالمي

في انتظار الدخان الأبيض أو الأسود
روما تبدأ في رحلة البحث عن البابا

ينتخب مجمع الكرادلة الذي بدأ أعماله في عزلة تامة عن العالم في الفاتيكان البابا الجديد خلفا لبنديكتوس السادس عشر الذي تنحى عن عرش الباباوية يوم 28 فبراير الماضي. وخلال الألفي سنة من تاريخها أجرت الكنيسة مرات عدة تغييرات في إجراءات تعيين البابا قبل أن تعتمد مؤخرا الصيغة الحالية لمجمع الكرادلة. وفي الواقع لا شيء في الإنجيل يوضح كيفية اختيار خليفة القديس بطرس.  
وفي 21 نوفمبر 1970 حدد البابا يوحنا السادس المواصفات الحالية للهيئة الناخبة، مثل تحديد سن الكاردينال للمشاركة في الإنتخاب بـ80 عاما، والعدد الأقصى للكرادلة الناخبين بـ120. وكان يوحنا بولس الثاني ثبت هذه المواصفات في فبراير 1996 عبر الدستور الرسولي “كل قطيع الرب” الذي يتناول شغور الكرسي الرسولي وانتخاب حبر أعظم. وفي السنوات الأخيرة، ومع العولمة المتزايدة لمجمع الكرادلة، بات أي توقع بشأن نتيجة المجمع أمرا في غاية الصعوبة، فانتخاب البابا يجب أن يجري بعيدا عن أي ضغوط خارجية، لذلك فإن المجمع ينعقد في عزلة تامة عن العالم الخارجي.
وتتبع هذه الخلوة منذ العام 1271، ففي ذلك الحين لم يتوصل الكرادلة في فيتربي في إيطاليا الى إتفاق على إسم خلف للبابا كليمنت الرابع، فحبسهم المسيحيون ولم يقدموا لهم سوى الخبز الناشف والماء فقط لحضهم على الإسراع في إنتخاب بابا جديد، ثم ثبت البابا المنتخب غريغوريوس الخامس هذه الممارسة لتصبح قاعدة باستثناء نظام الخبز والماء، واليوم اعتمدت إجراءات خاصة في الفاتيكان لتأمين عزلة “الناخبين الكبار” مع توفير أدنى وسائل الراحة لهم خلال فترة إنعقاد المجمع، علما بأن عددا كبيرا منهم طاعنون في السن. بعد وفاة أو تنحي بابا، يعقد الكرادلة مجمعهم خلال 15 يوما كحد أدنى، و20 يوما كحد أقصى، وينتقلون في موكب من كنيسة بولين الى كنيسة سيستين، ثم توصد الأبواب وتسحب المفاتيح ويتحقق من العزلة التامة الكارينال نائب البابا في الداخل والذي يدير الشؤون البابوية في الخارج. ولا يحق للكرادلة أن يصوتوا لأنفسهم وعليهم أن يؤدوا قسم اليمين، كل بدوره، بإحترام سرية التصويت والقبول بالنتيجة. كما يقسمون أيضا بأن لا يتراجع من ينتخب من بينهم مطلقا عن المطالبة بكامل حقوق الحبر الأعظم.
وتجري عمليات التصويت في كنيسة سيستين مع تصويتين في الصباح وتصويتين في المساء، وتحرق بطاقات التصويت، والكاردينال الذي ينتخب هو الذي يجمع ثلثي الأصوات. وكان يوحنا بولس الثاني قرر في حال حصول مأزق إمكانية إجراء تصويت على أساس الأغلبية المطلقة. وفي يونيو 2007 أجرى بنديكتوس السادس عشر تعديلا بخصوص هذه الإمكانية وأقر مجددا بضرورة حصول البابا المنتخب على ثلثي الأصوات على الأقل. وعند صدور النتيجة يطلب عميد الكرادلة من المنتخب أن يقبل الإنتخاب، وفي هذه الحالة يصبح على الفور حبرا أعظم وتشمل ولايته على الفور الكاثوليك في العالم أجمع، عندئذ على البابا الجديد أن يعلن الإسم الذي يختاره لنفسه كحبر أعظم. وخلال إجراء عمليات التصويت توضع موقدة في كنيسة سيستين لتعلم المؤمنين الذين يحتشدون تقليديا في باحة القديس بطرس بنتيجة التصويت، فالدخان الأسود يعني أنه لم ينتخب البابا والدخان الأبيض يعني أن البابا الجديد انتخب فعلا.