خارج التغطية
تراجع النظام التعليمي
ناصر المطيري
واقع التعليم في الكويت بمختلف مراحله أصبح يشكل أزمة تقلق الجميع سواء من جهة واقعه التربوي أو مستوى التحصل العلمي أو مستوى المخرجات من المدارس والجامعات، وإن من ينظر الى المشهد التربوي الكويتي حالياً، يجد انه على الرغم من الجهود التربوية الكبيرة والتوظيفات المالية الضخمة التي قامت بها وزارة التربية، وعلى الرغم من كثرة اللجان والمؤتمرات والبحوث التي تناولت قضية التربية والتعليم في الكويت، فإن النجاحات التي حققها نظام التعليم الكويتي لا تزال جزئية ومحدودة.
وعلى الرغم من أن التعليم في الكويت قد أحرز تقدماً كمياً في هذا الجانب او ذاك من جوانب التعليم، فإن نوعية هذا التعليم لاتزال موضع تساؤل، كما بينت النتائج المتواضعة التي حققتها الكويت في الاختبارات العالمية لقياس التحصيل الدراسي للتلاميذ في الرياضيات والعلوم واللغة الانكليزية وعلى أرض الواقع أدى التراجع في مستوى التعليم عما كان عليه في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي الى تنامي اقبال الكويتيين، خصوصا الطبقة الوسطى منهم، على التعليم الخاص الذي يواصل توسعه في الكويت، وسط شعور متزايد بعدم الرضا عن أداء المدرسة الحكومية، فهذه المدرسة تحولت، لأسباب كثيرة ومتداخلة، الى بيئة طاردة للتلميذ، غير جاذبة له يتذمر المعلمون منها كما يتذمر أولياء أمور الطلبة..
… ثلاث مراحل مرَّ بها النظام التعليمي في الكويت، عام فثنائي ومقررات وموحد، تحولت من خلالها مدارسنا الى ما يشبه حقول التجارب، لم تتوقف عن طبيعة النظام بل وصلت الى المناهج التي استوردت لها أساليب وأنظمة أثبتت الأيام عدم نجاعتها وملاءمتها للكويت.
رأينا أن التاريخ يعيد نفسه، وها هو نظام التعليم الموحد يقع في محظور، حيث ارتفع صوت جامعة الكويت بالشكوى من ضعف مستوى خريجي الثانوية العامة من نظام المقررات الذين لم يستطيعوا السير في الدراسة الجامعية.. فكانت فكرة النظام الموحد الذي جمع بين النظام العام والمقررات، واتخذ قراراً بالغاء المقررات التي توقف القبول بها واستمرت حتى أعلن الوفاة الرسمية له وولادة نظام التعليم الموحد.
اليوم، وبعد ست سنوات من تطبيق النظام الجديد عادت الأصوات لترتفع مجددا حول تدني مستوى مخرجات الثانوية، ما أعاد الى الأذهان الشكوى من المقررات، زد على ذلك أن وزارة التربية نفسها ذكرت في المؤتمر الوطني لتطوير التعليم عام 2008 أن النظام الموحد لا يتلاءم مع حاجات الطلبة ولا مع متطلبات العصر وأن هناك مشكلات عدة واجهت أهل الميدان وأن قرار تطبيقه لم تسبقه دراسة تجريبية للكشف عن مدى فاعليته وقد تمت التوصية على ضرورة اجراء التعديلات اللازمة للنظام. ومع هذا الاعتراف والشكوى القادمة من الجامعة تعالت الأصوات الداعية الى الغاء النظام والعودة الى نظام التعليم الثانوي القديم، فيما كانت هناك أصوات أقل حدة تدعو الى اجراء تعديلات على النظام تتلافى السلبيات التي اكتشفت في التطبيق..
التعليم يحتاج وقفة جادة تصحح مساره لأن حالة التخبط العشوائية التي يمر بها نظامنا التعليمي ستكون سببا في تراجع كل تنمية أو تطور.. التعليم يجب أن يكون أولوية على جميع المستويات التشريعية والتنفيذية والسياسية أيضا.
أضف تعليق