أقلامهم

عمر الطبطبائي: لأنهم يتفننون في دفن الحقائق فظن بعضهم بأن شعبهم كذبة!

من بين الآراء / ولأنهم…
عمر الطبطبائي
بداخل قلمي كم هائل من القهر والمرارة والألم يجعلني أفكر ألف مرة قبل ان أسيل حبره على ترجمة أحاسيس لم تعد ترى المنطق في أحداث هذا البلد… وحتى لا يسيل دمي بدلا من حبري على أوراقي المبعثرة بخيبات إدارة هذا الوطن سأنتقل بالكتابة عن بلاد بعيدة جدا عن بلادي… بلاد كانت في يوم ما «دولة» على خارطة الكرة الارضية قبل أن تهدم كل مقوماتها وأركانها حتى اختفت في لمح التاريخ من على خريطة العالم وجغرافيتها!
يقول بعض المؤرخين ان هناك ثمة أسباب ساهمت في مسح هذه الدولة من الوجود وجعلها مجرد ذكرى صغيرة في احد زوايا أرفف التاريخ الذي بيّن كذلك ان السبب الرئيسي لم يكن في أسلوب إدارة الدولة إنما بسبب اسلوب التحدي الذي اختاره القائمون على ادارة تلك البلد مع شعبه.
ولأن بعضهم لا يؤمنون بالديموقراطية فسعوا لهدمها.
ولأن بعضهم لا يستطيع مواجهة الكلمة فلجأوا الى دعم أسفل القوم لتفتيت مجتمعهم حتى يهربوا من المواجهة.
ولأن بعضهم يعشق الجلوس مع النطيحة والمتردية فظنوا بأن غالبية شعبهم كجلسائهم!
ولأن بعض من يحوم في فلك بعضهم اشتروه بمبلغ من مصلحة او قطعة أرض فظنوا بأنهم قادرون على شراء كرامة شعبهم وخنوعه.
ولأن بعضهم فضوا بكارة الإصلاح فظنوا بأن شعبهم سيتفرج عندما يمارسون نفس العملية على الوطن!
ولأن قلوب غالبيتهم على مصالحهم واحقادهم على الشعب ظنوا بأن شعوبهم يكنون لهم الكره.
ولان الدراهم هدمت قلاع الشرف لبعضهم ظنوا بأنهم يستطيعون سلب شرف شعبهم.
ولأن غالبيتهم لم يعشق تراب الوطن فظنوا بأن كل شعبهم يبيعونه!
ولأن بعضهم يصنع أصنامه بكلتا يديه فظنوا بأن الشعب سيعبدهم!
ولأن بعضهم يهتف باسم من أفسد وطنهم فظنوا بأن الشعب سيتغنى بشارب الفاسدين.
ولأن لا قيمة لأكثرهم سوى وضعهم الاجتماعي فظنوا بأن لا قيمة لشعبهم!
ولأن بعضهم شنق الوطن بحبال مصالحه فظنوا بأن لا حياة لطموح شعوبهم!
ولأن بعضهم يتصارعون على ان يكونوا حكاما لا حكماء فظنوا بأن شعوبهم سفهاء!
ولأن غالبيتهم أصابهم جنون الجشع ظنوا بأن الشعب سلعة يتحكمون بها.
ولأن بعضهم اختار من بحار العنف طريقا لإدارة تلك البلاد بدلا من مرسى الديموقراطية فظنوا بان الشعب وحده سيغرق!
ولأنهم يتفننون في دفن الحقائق فظن بعضهم بأن شعبهم كذبة!
ولأن بعضهم بارع في وأد احلام الشباب فظنوا بانهم قادرون على وأد رياح التغيير!
حتما نحتاج الكثير من الوقت لاستيعاب كل تلك الأسباب التي شكلت مشهد نهاية تلك الدولة البعيدة كل البعد عنا، ولكن قبل التمعن بالأسباب وقبل كل شيء ادعو الله تعالى أن يبعد «لأنهم» عن «لأننا»!!…
د ا ئ ر ة م ر ب ع ة:
لا تبنى الأوطان بروح الانتقام…