أقلامهم

وليد الرجيب: النازية والفاشية تشكل ظاهرة تاريخية في القرن العشرين، وهي نشأت في أحشاء الرأسمالية المأزومة.

أصبوحة / يوم الانتصار على الفاشية
وليد الرجيب
في التاسع من مايو 1945م، انتصر الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، بعد حرب عالمية راح ضحيتها ملايين البشر وتدمرت خلالها آلاف المدن والقرى في أوروبا والاتحاد السوفياتي، وفي هذه الحرب ترك الحلفاء الاتحاد السوفياتي يواجه القوى الألمانية العسكرية القوية لوحده، ولم يدخلوا الحرب إلا بعد رجحان كفة الاتحاد السوفياتي، حيث كانوا يريدون التخلص من «الشيوعية» في الاتحاد السوفياتي والنازية الألمانية في الوقت نفسه، ولذا يحتفل الشعب الروسي وبعض الشعوب التي عانت من القتل والدمار بيوم الانتصار على الفاشية الذي يوافق التاسع من مايو في كل عام، وهو اليوم نفسه الذي رفع فيه الجنود السوفيات علم بلادهم على مبنى الرايخ الثالث واستسلام القيادات العسكرية الألمانية للقيادات العسكرية السوفياتية عام 1945م.
والنازية والفاشية تشكل ظاهرة تاريخية في القرن العشرين، وهي نشأت في أحشاء الرأسمالية المأزومة، ولذا فهي قابلة للنشوء مرة أخرى إذا توافرت الظروف المناسبة لذلك علماً بأنه قد تشكلت في الآونة الأخيرة وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية أحزاب تسمي نفسها بـ«النازيون الجدد».
والفاشية والنازية لها طابع طبقي تلجأ إلى الإرهاب السياسي الشوفيني (التعصب القومي) والاجتماعي الطبقي وخنق الحريات الديموقراطية، عندما تعجز أدوات القمع والسلطة في الدولة البرجوازية أو الرأسمالية عن حماية مصالح الطبقة المسيطرة وقدرة رأس المال الكبير على تكديس الأرباح وتعميق الاستغلال بأدواته وآلياته العادية بغطاء الديموقراطية البرجوازية.
كما أنها تهدف إلى إعادة تقسيم الهيمنة الإمبريالية على دول العالم، يترافق ذلك مع ايديولوجيتها التي تأجج الاستعلاء الشوفيني القومي العنصري من أجل القضاء على الأعراق الأخرى.
وليس من قبيل الصدف أن ألمانيا النازية صبت كل حقدها وعدوانها على الاتحاد السوفياتي، متسترة على طابعها الطبقي الرأسمالي المتوحش وتهدف للقضاء على الطبقة العاملة في العالم المتصدية للنازية وسياساتها المعادية للدولة التي تمثل مصالح الطبقة العاملة.
وبالمناسبة تشكلت حركة المقاومة الشعبية في أوروبا «البارتيزان» من الأحزاب الشيوعية والعمالية والطبقات الشعبية، وهي المقاومة التي أنهكت الآلة العسكرية النازية والفاشية واستخباراتها بعد سقوط الجيوش في هذه الدول، في فرنسا واليونان وإيطاليا ضد الفاشي موسليني واسبانيا ضد الفاشي الجنرال فرانكو.
ولا تختلف الصهيونية عن النازية التي اتهمتها بارتكاب «الهولوكوست» أو محرقة اليهود، لا تختلف في توجهاتها العنصرية العدوانية على الشعوب العربية خصوصا الشعب الفلسطيني الشقيق، ففي الوقت الذي ترتبط الحركة الصهيونية بالامبريالية العالمية وخدمة استراتيجياتها في الاستيلاء على ثروات الشعوب واستغلال الطبقات الشعبية في العالم ضمن سياسات النيوليبرالية من خلال خصخصة القطاعات العامة ورفع الدعم الحكومي عن الخدمات الاجتماعية ورعايتها، وفرض الضرائب وأسعار السلع والخدمات وإفقار الشعوب بسياسة العولمة الرأسمالية وشن حروب عدوانية، يعاني اليهود الناجون من معسكرات الاعتقال والغيتوات – الذين يعيشون في اسرائيل – من البؤس والفقر والمهانة الاجتماعية.
ولأن أُسس الفاشية والنازية موجودة في أحشاء النظام الرأسمالي، فلن يأمن العالم من حروب ودمار أكبر خاصة مع انتشار التسلح النووي وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، لذا فقد كان الاتحاد السوفياتي يكاد أن يكون الدولة الوحيدة التي تحتفل بيوم الانتصار على الفاشية، ما عدا مرات قليلة شاركت دول التحالف بوجود محدود في الاستعراض العسكري في الساحة الحمراء بموسكو بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.