أقلامهم

وليد الرجيب: القوى السياسية يجب أن تملك بعد النظر وتعمل على أسس التكتيك والاستراتيجية.

أصبوحة / سيناريو متوقع
وليد الرجيب
كنت أنوي الاستمرار في الكتابة حول تدهور النظام التعليمي بعد تصريحي معالي وزير التربية الدكتور نايف الحجرف والسيد مدير جامعة الكويت الدكتور عبداللطيف البدر عن تدني مخرجات التعليم، وأخيراً دعوة سمو أمير البلاد لتحديث مناهج وطرق التعليم كي تواكب تطور العصر، فالتعليم قضية مفصلية في بناء الإنسان الكويتي وبناء الدولة الحديثة التي نتطلع لها.
لكن طرأت في الأجواء إشارات تفيد بتقديم بعض الوزراء استقالاتهم ورفع سمو رئيس الوزراء كتاب «عدم تعاون» إلى سمو الأمير، ما يعني حل مجلس الأمة أو تغييرا أو تعديلا وزاريا.
فهل كان الخبر مفاجئاً للكثيرين منا؟ كان هذا السيناريو متوقعاً إن صحت الأنباء عن ذلك ليس فقط لعدم كفاءة «مجلس الصوت الواحد»، لكن أيضاً كوسيلة استباقية لحكم المحكمة الدستورية ببطلان مرسوم الضرورة في ما يخص الصوت الواحد.
ولا نعرف مدى صحة الأخبار التي تسربت سريعاً حول إعادة الانتخابات بنظام صوت أو صوتين، وهو من شأنه تشتيت المعارضة وإضعاف تعهداتها بمقاطعة الانتخابات في حال تحصين مرسوم الصوت الواحد، مع يقيننا أن المعولين على جزئيتي العمل السياسي القانوني والنضال البرلماني، سواء كانت أحزابا دينية أم ليبرالية أم شعبوية ستجد الذريعة لخوض الانتخابات على أرضية احترام حكم المحكمة الدستورية.
وجميعنا نعرف أن القوى السياسية والكتل البرلمانية في الكويت، تضع النضال البرلماني في صدارة عملها السياسي من أجل الإصلاح والتغيير، ولا تؤمن كثيراً بالعمل الجماهيري، مثلما تركز على الحركات الاحتجاجية وردود الأفعال أكثر مما تركز على العمل المطلبي الدؤوب للإصلاح السياسي والتطور الديموقراطي باتجاه النظام البرلماني الكامل، وعلى رأسها سن قانون لإشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية أي مبنية على برامج سياسية وطنية وليس على أسس دينية أو طائفية أو قبلية أو فئوية.
من يعمل بالسياسة يجب أن يستشرف المستقبل استناداً على ما يحدث على أرض الواقع وتحليله فكرياً، ولا يجب أن يكون عمله مجرد ردة فعل للسياسة الآنية، أي يجب فهم نهج السلطة وإلى أين يؤدي، ولذا لا يجب الارتكان على العمل البرلماني وحده.
القوى السياسية يجب أن تملك بعد النظر وتعمل على أسس التكتيك والاستراتيجية في عملها السياسي، وأن تضع في اعتبارها مصلحة الوطن والشعب بشمولية لا تقتصر على التركيز على الحرية وفصلها عن العدالة الاجتماعية.
فالكويت تمر حالياً بأسوأ أزمة سياسية، لا تتعلق فقط بالنهج البوليسي وتكميم الأفواه وتقييد الحريات، ولكنها تتعلق بنهج يقود البلاد إلى التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فلا يجب التركيز على الجزئيات ونسيان الحلول الشاملة، فمهما كان الإصلاح مهماً فالتغيير هو الأهم، فالإصلاح الترقيعي لا يقود إلى تطور الأمم والبشر.
وفي هذا الصدد ندعو المخلصين من المعارضة إلى النظر للصورة الكبيرة، وإلى التحليل المعمق وليس الاعتماد على جزئية القانون والبرلمان أو حتى البيئة، وأن يحافظوا على وحدة الصف والتسامي على الخلافات الجانبية والانتباه إلى المحاولات المشبوهة لشق صفوف المعارضة وتغيير موازين القوى لغير صالحها، والاعتماد على النضال الجماهيري بالدرجة الأولى.