أقلامهم

ناصر المطيري: الصغار الذين يبيعون أحلامهم تطاردهم مؤسسات الدولة «النزيهة المطبقة للقانون» بحذافيره و«حوافيره».

أطفال الرصيف.. واقع يفوق القلم والألم
ناصر المطيري
لا شيء يجسد صدق المعاناة وحجم المأساة أكثر من بؤس نراه على وجه شاحب لطفل تلفحه شمس الصيف ويرتجف من برد الشتاء، يبيع بضاعته بثمن بخس على قارعة الطريق متوسداً رصيف القهر والحرمان.. مهما كتبنا فإن الواقع يفوق القلم والألم.. انهم أطفال «البدون» ورثة الهم والغربة في وطن الأحلام الضائعة..
يعيشون بين ظهرانينا ولانسمح لهم بمشاركتنا في رغيف الرزق الحلال، هؤلاء الصغار الفقراء الذين يبيعون أحلامهم على الرصيف تطاردهم مؤسسات الدولة «النزيهة المطبقة للقانون» بحذافيره و«حوافيره»، للحفاظ على الشكل الحضاري للبلد من أن تشوهه هذه الوجوه الشاحبة البريئة، ولكي لا يزعج منظرهم السادة الكبار باعة الأغذية الفاسدة وتجار المخدرات.
العتب المر نوجهه لضمير العدالة رجال القضاء ملاذ المعذبين في الأرض فنقول: هل من روح القانون والانصاف أن يتم اصدار حكم بحبس شاب أو حدث من فئة البدون تهمته الكسب الحلال في ظروف شاقة لاتخفى على أحد.. فتطبيق حرفية النصوص القانونية أحيانا، يجافي قيم العدالة والحق، مالم تصحبه نظرة واعية تستشعر الظرف والمعاناة وسن المتهم وطبيعة الجرم المنسوب إليه، والا تحول العدل جورا ولا نأمن بعدها على بلدنا نقمة أو حوبة أو دعوة من مظلوم ..
في عام الرمادة في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب عندما جف الضرع والزرع وحلت المجاعة بالناس رفع عمر – رضي الله عنه – مؤقتا تطبيق حد السرقة لمن يسرق ليسد رمق جوعه مراعاة لواقع الحال، أليس حقا على القضاة اليوم أن يستلهموا من هذه الحادثة العبرة ويتعاملوا مع أمثال حالة الشاب البدون الذي يبيع البطيخ على الرصيف تعاملا يستشعر البعد الانساني للتهمة؟ 
ونقول لمن يتحمل وزر معاناة هؤلاء الناس : لاتهتم كثيرا بما ستكتبه وتنشره المنظمات الانسانية من استنكار لانتهاك حقوق الطفل والانسانية، لكن الأولى بك أن تحمل هم غضب رب هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا بظلمنا لهم من أصحاب السوابق في جريمة الترويج والاتجار في البطيخ.