أقلامهم

وليد الرجيب: قفز الإسلاميين على الحكم ضمن انتخابات تبدو ديموقراطية، شكّل صدمة لبعض المثقفين العرب.

أصبوحة / إنقاذ الأمل
وليد الرجيب
«إنقاذ الأمل، الطريق الطويل الى الربيع العربي»، هو عنوان كتاب جديد لأستاذ علم الاجتماع البحريني د. كاظم نادر، قرأت جزءا لا بأس به أثناء رحلة بالطائرة، وكنت أود الكتابة عنه بعدما أفرغ من قراءته وهذا ما قد أفعله لاحقاً.
هذا الكتاب يخرج عن سياق تشاؤم الكثير من المثقفين العرب ويأسهم من التداعيات أو ما آلت اليه الثورات العربية من تدهور عميق للحريات والاقتصاد والأوضاع المعيشية، وكأن هذه الثورات التي أسقطت ديكتاتوريات استبدلتها بديكتاتوريات أسوأ منها، بل أكثر عمالة لاسرائيل والامبريالية المعولمة وسياساتها النيوليبرالية، والأهم من ذلك محاولات أخونة أو أسلمة كل مفاصل البلدان التي قامت بها الثورات وتقويض الدولة المدنية فيها.
شكّل قفز الإسلاميين على الحكم ضمن انتخابات تبدو ديموقراطية، شكّل صدمة لبعض المثقفين العرب فكتبوا مرثيات تعكس قناعة بأن الأمل كان وهماً، واضعين اللوم تارة على المؤامرات الاسرائيلية الغربية، وتارة على القوى السياسية التي لم تستطع قيادة هذه الثورات، وتارة على تخلف الشعوب العربية وسماحها بأن تقاد من الاسلاميين، كتبوا مرثيات ونعياً للحلم العربي تعكس عدم قدرتهم على رؤية ذلك النور الذي ينبعث من آخر النفق الطويل جداً.
حتى ذهب بعض المثقفين الى رفض الثورات العربية والرّيبة من أي حراك شعبي أو انتفاضات قد تفضي الى ثورات، مؤكدين بذلك الاستعلاء الغربي على العرب والشرق بشكل عام الذين يرون أن العرب بعيدون عن التقدم بل حتى انهم قد لا يتقدمون، وكأن ليس للغرب دور كبير في حالة الوضع العربي الراهن.
والكتاب المكتوب بلغة بحثية أكاديمية لا تخلو من نفس أدبي، لا يتحدث فقط عن الحلم العربي بالحرية والتقدم والديموقراطية الذي يراود الانسان العربي منذ عصر التنوير العربي، الذي تبناه رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وشبلي شميل، مروراً بحركة التحرر الوطني والانقلابات العسكرية على الملكيات والاستعمار، حتى لحظة قيام أول ثورات عربية عام 2011م، بل هو يدعو الى «إنقاذ هذا الأمل» الذي راود العقل العربي منذ أواخر القرن التاسع عشر.
ما آلت اليه هذه الثورات من تعقيدات وخاصة في تونس ومصر عمقت يأس المثقف العربي منذ «مفيش فايدة، غطيني يا صفية» التي خرجت من فم سعد زغلول، مروراً بهزيمة 1967م ثم الغزو العراقي على الكويت 1990م الى انقضاض القوى الاسلامية على ثورات الشعوب العربية، لتعود بالمثقف العربي الى مربع اليأس الأول.
هناك من كان ينتظر من هذه الثورات نهاية سعيدة لم تتحقق، وهناك من يرى ما يحدث على أنه بداية جديدة «على حد غرامشي»، ويؤكد المؤلف «ان ما جرى مع مطلع العام 2011م كان فصلاً مهماً في مسيرة هذه المجتمعات على ذلك الطريق الطويل والشاق وغير المعبد من أجل الديموقراطية، ولا بديل عن الديموقراطية في هذه المنطقة»، والتي ستتحقق في يوم ما بل ان الخطوة الأولى قد بدأت بالفعل على هذا الطريق الطويل، وهذا هو مبعث الأمل.