أقلامهم

طلال العرب: هل الخوف من المساءلة يبرر التضحية بمليارين ومائتي مليون دولار من حر اموال البلد.

في الصميم
هل الجريمة في صفقة «الداو».. أم في إلغائها؟!
الاسم: طلال عبدالكريم العرب
• من أصرّ على إلغائها يريد معاقبة من أجبر على الإلغاء.. إنها مهزلة صفقة «الداو» حالياً.. فتصبح خسارتنا مضاعفة!
ملابسات غرامة إلغاء صفقة الداو تثير الكثير من الحنق والأسى، وتجعلنا نتساءل ونتفكر في طريقة التعامل مع المشاريع الاستراتيجية والتنموية باستخفاف وقلة دراية، وتهور سياسي ادى الى ضياع فرص ذهبية على الكويت، ودفع بسببها غرامات مالية طائلة.
معظم من شاركوا في اتخاذ قرار إبرام صفقة الداو كيميكال أجمعوا على ان الشرط الجزائي وضع اساساً لحماية كلا طرفي العقد من تنصل الآخر منه، وأن إلغاءها كان لأسباب سياسية بحتة، وان الالغاء كان خطأ ارتكبته الحكومة السابقة لإنقاذ نفسها من الهجوم الاعلامي والنيابي الشرس، وتملصاً من مساءلتها سياسياً.
السؤال هنا: هل كانت الصفقة اساسا مجدية للكويت؟ نقول، من وجهة النظر الشخصية، إن الصفقة كانت اكثر من مفيدة، فمن ناحية هي تعزيز لمكانة الكويت تكنولوجيا لامتلاكها اكثر شركات العالم خبرة ودراية وعراقة في مجال البتروكيماويات، ومن ناحية أخرى الارتقاء بالاقتصاد الكويتي على المدى البعيد وترسيخه، كمالكة لتكنولوجيا اجنبية متقدمة، لها سوقها المميز في العالم، الى جانب ذلك فإنها كانت ستفتح مجالات لمشاريع استثمارية مثمرة، مما سيوفر فرص عمل بالآلاف للشباب الكويتيين.
الحكومة الكويتية كان في امكانها مجابهة معارضي الصفقة وتنفيذها من دون اي خوف او رعب من المساءلة، فقد كانت كل الاطراف الكويتية صاحبة العلاقة والخبرة قد أجمعت على جدوى الصفقة وفائدتها، من المجلس الاعلى للبترول الى مجموعة الخبراء في قطاع النفط، وانتهاء بوزير النفط – وقتها الاخ محمد العليم – فهل هناك غطاء اقوى وافضل للحكومة من هكذا غطاء؟ المشكلة الآن ان البلد دخل في ازمة اخرى، وهي عقاب من أجبر فاضطر الى دفع غرامة إلغاء الصفقة، وهي مهزلة حقيقية، ان من أصر على إلغائها هو من يريد عقاب من أجبر على جريمة إلغائها، وهي مأساة حقيقية تواجهها الآن دولة الكويت، والمسؤولون الشرفاء فيها!
الحملة الاعلامية المنظمة من اطراف متناقضة في العلن متهادنة في السر، تنبئ بأزمة جديدة.
فهل أصبحت الكويت مرتعاً خصباً للسرقات المليارية، ابطالها بعض نواب فاسدين، وبعض مسؤولين جدد وسابقين، وهل الخوف من المساءلة يبرر التضحية بمليارين ومائتي مليون دولار من حر اموال البلد، وهل تستحق الكويت ان تضيع عليها فرصها الذهبية التنموية كالمصفاة الرابعة وتطوير حقول الشمال وصفقة الداو، لا لشيء إلا من اجل انقاذ ماء الوجه؟!
الله وحده، والعالمون ببواطن الأمور، أعلم بتفاصيل هذه الجريمة.