أقلامهم

“حسين العبدالله”: المشرّع شدد على إعطاء السلطة التشريعية وحدها تحديد الدوائر.

قبل أسبوعين من إصدار حكم المحكمة الدستورية بشأن مرسوم ومجلس الصوت الواحد.. حلل المحامي “حسين العبدالله” كيف أن مراسيم الضرورة لا تكتسب قوة القانون التي يتطلبها تشريع يحدد من خلالها الدوائر الانتخابية.

كما أن “العبدالله” كشف عن التدخل التشريعي لم يلبِ الحاجة التي نادت بها الضرورة لإصدار المرسوم.

سبر رأت بأن ما طرحه المحامي “حسين العبدالله” من رأي قانوني وتحليل مهم.. يستحق أن يكون مقال اليوم الساخن..

مرافعة : قبل أن تحكم «الدستورية» بطعون «الصوت»!
كتب المقال: حسين العبدالله
بعد أسبوعين بالتمام والكمال سيعتلي ستة مستشارين منصة المحكمة الدستورية لينطقوا بأحكام 56 طعنا انتخابيا بينها 23 طعنا قدمت على عقد الانتخابات وفق مرسوم الصوت الواحد وبطلب الحكم بعدم دستوريته، فضلا عن بطلان مرسوم حل مجلس 2009 المعاد من المحكمة الدستورية في 20 يونيو 2012.
 وبعيدا عن تكهنات حكم الدستورية والذي برأيي لن يكون مرضيا لأي من الطرفين إلا أن الواجب يحتم  طرح فرضيتين تستحقان النقاش قبل الحكم وهما ما نصت عليه المادة 81 من الدستور والتي تنص على أن تحدد الدوائر بقانون، والأخرى بأن يكون النص المراد تعديله وفق مراسيم الضرورة نتاجا لحالة ضرورة وقعت بعد حل المجلس بأن يكون هذا التدخل التشريعي مرتبطا ارتباطا وثيقا بالحالة التي طرأت ما يستوجب فعلا تدخل ممن يملك سلطة التشريع الاستثنائي «الحكومة والأمير» بفترة غياب صاحب التشريع الاصلي (المجلس والأمير).
وأعني بتلك الفرضيتين أن المادة 81 من الدستور نصت وبوضوح  بأن تحديد الدوائر يكون بقانون ولا أداة  خلافها، في حين أن الدوائر عدلت بمرسوم قانون وليس بقانون، وقد يطرح البعض أن المادة 71 نصت على ان يصدر الامير مراسيم لها قوة القانون وبالتالي يكون ذات الغرض الذي استلزمته المادة 81 من الدستور قد تحقق لأن مراسيم الضرورة لها قوة القانون، ورغم الاحترام لهذا الرأي إلا أن طبيعة المراسيم التي يصدرها الأمير هي أصلا مراسيم عادية كالتي تصدرها الحكومة وبالشكل التي تتم به فتعدها الحكومة وترفعها للأمير ليصدرها سموه وتنشر بالجريدة الرسمية، ولكن ما يفرق تلك المراسيم عن مراسيم الضرورة أن لها قوة القانون وتعرض لاحقا على المجلس بعد عودته، وهي لا تمر بذات الإجراءات التي تمر بها القوانين أصلا، والامر الآخر أن النص شدد على أن التحديد يكون بأداة القانون بعبارة «تحدد الدوائر بقانون»، ولم ينص كما ورد بباقي النصوص بعبارة ينظمها القانون او يبينها القانون على سبيل المثال، وهو ما يعني تشدد المشرع الدستوري بإعطاء السلطة التشريعية وحدها أمر تحديد الدوائر كما أمر بالمادة 70 من الدستور بعدم سريان الاتفاقيات والمعاهدات الماسة بالوطن وأركانه وحقوقه السيادية وحقوق المواطنين الا بصدور قانون، وهو النهي الذي استجابت له الحكومة بالاتفاقية الامنية الخليجية والتي احالتها الى المجلس وإلا لكان بمقدورها اعتمادها بمرسوم ضرورة، كما أن أداة القانون التي شددت المادة 81 من الدستور على تحديد الدوائر بها فهي كأداة لا تصدر وبحسب المادة 79 من الدستور إلا إذا أقرها مجلس الأمة وصدق عليها الامير خاصة وأن هذه المادة وردت في فصل السلطة التشريعية بالدستور.
بينما الفرضية الثانية وهي أن التدخل التشريعي الذي جاء به مرسوم الضرورة لم يلبِ حالة المعالجة التشريعية التي نادت بها حالة الضرورة وأعني في ذلك أن المرسوم لم يكن مرتبطا في الأحداث الطارئة التي جاء ليعالجها، فلا المذكرة التفسيرية لمرسوم الصوت الواحد ولا حتى خطاب الحكومة قد تناولا مبررات تعديل قانون الدوائر، سوى ما ورد بأن دواعي التعديل التشريعي هو نتيجة الأخطار الامنية الداخلية والخارجية، رغم أن تلك الأخطار الداخلية تم التعامل معها امنيا بإحالة العديد من المخالفين لقانون الجزاء والتجمعات إلى القضاء، بينما الأخطار الخارجية دعت الحكومة إلى توقيع عدد من الاتفاقيات، وهو ما يقطع بأن تلك المبررات تم التعامل معها بقوانين موجودة أصلا ولاعلاقة لها بمرسوم الصوت الواحد لا من قريب ولا من بعيد، في حين أن المادة 71 تؤكد على وجوب أن يلبي التدخل التشريعي حالة الضرورة التي طرأت بعد حل المجلس.