أقلامهم

ذعار الرشيدي: صرير أبواب الوزارات أصبح يصم الآذان من شدة صوته بعد أن لحق مفاصلها الصدأ!

التاريخ.. وأهرامات الكويت
بقلم ذعار الرشيدي
شهر سبتمبر المقبل سيتم تفعيل إنهاء خدمات كل من أمضوا 35 عاما على رأس العمل من القياديين، بحساب العودة زمنيا إلى الوراء فهؤلاء أغلبهم التحقوا بالوظيفة بين عامي 1977 و1978، طبعا أيامها ليس لدينا سوى قناة تلفزيونية واحدة ومحطتي إذاعة و5 صحف وتلفزيون يتيم يقول:« تشششششش» بعد الساعة الثانية عشرة ليلا.
خلال عملهم انتشر استخدام الفاكس الذي تم اختراعه قبل توليهم مهام عملهم بـ 4 سنوات، وأوقف العمل بتوزيع الملابس والوجبات الغذائية على تلاميذ المدارس الحكومية، وقبل توليهم العمل كان قد تم حل مجلس الأمة حلا غير دستوري، وأعيد العمل بالديموقراطية عام 1981 ولم يستمر الأمر كثيرا حتى تم تعليق العمل بالدستور عام 1986، خلال فترة عملهم غابت الديموقراطية عن البلاد أكثر من 14 عاما على فترتين (الأولى 8 سنوات والثانية 7 سنوات)، خلال فترة عملهم كانت دواوين الاثنين والاعتقالات العشوائية والملاحقات الأمنية، خلال فترة عملهم احتلت العراق الكويت، وعادت الكويت بعد تحريرها بـ 7 أشهر، وعادت الديموقراطية في العام 1992، ومر قانون المديونيات الصعبة، وحلت أكثر من 6 مجالس أمة، وحصلت المرأة على حقوقها السياسية، وتناوب على حكم الولايات المتحدة 5 رؤساء، وسقطت بغداد وانتهى حكم المقبور صدام حسين بالإعدام، وظهرت القنوات الفضائية، وانتشرت شبكة الإنترنت بمواقعها ومعها مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية وسقطت حكومات عربية بأكملها، وتعاقب على الكويت 4 رؤساء وزراء، كل هذه الأحداث مختصرة وهم لايزالون على رأس عملهم، لم يسقطهم إنترنت ولا ثورات ولا حراك سياسي ولا حل لمجلس الأمة ولا تعليق للدستور.
هؤلاء القياديون هم المفاصل الرئيسية للدولة، وقد أدوا ما عليهم، ولن أقول إنهم أدوا ما عليهم على أكمل وجه، فالتراجعات كانت كبيرة في جميع قطاعات المؤسسات الحكومية والبيروقراطية عششت حتى أصبحت كبكتيريا عفنة تطل عليك من بين دفتي كل معاملة، توقفت المشاريع وتوقف البنيان وأصبحت أغلب مؤسسات الدولة تسكن بالإيجار وبعضها في «عشش»، ولم تبن خلال فترة عملهم أي جامعة جديدة ولا مستشفى جديد، وطارت المليارات تلو المليارات على مشاريع لم يتم تنفيذها.
بعضهم ـ أقول بعضهم ـ وهم قلة قليلة جدا كانوا صادقين في أداء عملهم، ولا يمكن أن نبخسهم حقهم، ولكن الغالبية منهم مر عليهم التاريخ وتغيرت الأحداث من حولهم ولم يتغيروا قيد أنملة ولم يغيروا في وزاراتهم شعرة واحدة أيضا، كأنهم أهرام الجيزة يتحدون التاريخ ويتغير ولا يتغيرون، لذا توقف البلد عن النمو وأصابه الكساح وكاد يُشل من فِعل أيديهم.
نعم، مشكلتنا كانت دوما في المفاصل التي يجب أن تتغير لأن صرير أبواب الوزارات أصبح يصم الآذان من شدة صوته بعد أن لحق مفاصلها الصدأ!
التجديد هو المطلوب، ولكن بشرط.. ألا تزيلوا هرما وتأتوا بهرم آخر.