أقلامهم

سعدية مفرح: يعتقدون أن لحومهم مسمومة وأن لحومنا مذبوحة ذبحا حلالا، فلا يتوانون عن نهشنا.

 أسفار 
من أنتم؟!
الاسم: سعدية مفرح
تكاثرت أسماؤهم، لكن هويتهم واحدة، اختلفت أساليبهم، لكن هدفهم واحد، تنوعت أشكالهم، لكن أفكارهم هي هي، تعددت مدارسهم على الرغم من أنهم لا يؤمنون بالتعددية.
ضحايا هم للأنظمة غالبا، لكنهم عندما شعروا بالقليل من الاستقلالية عنها بدأوا بتحويلنا الى ضحايا.. لهم.
يستغلون كل ثغرة يمكن أن ينفذوا من خلالها إلينا فينفذون، يمارسون عملهم هذا بدأب واجتهاد ومهارة تراكمت على مدى السنوات، حتى أصبحوا يدربون غيرهم عليها ليضمنوا ألا يخلو الميدان يوما منهم.
أوصياء على معتقداتنا وأفكارنا وكتاباتنا وقصائدنا وابتساماتنا ودموعنا.. بل وعواطفنا أيضا.
أوصياء علينا رغما عن إرادتنا، ومع هذا يحاولون إيهامنا أنهم لا يفعلون ذلك إلا استجابة لنداء حاجاتنا إليهم، وأنهم لا يبغون لنا سوى الخير.. والمؤلم أن هناك من يصدقهم وربما يقدسهم.
يعتقدون أنهم أقرب لنا من آبائنا وأمهاتنا، بل ربما من أنفسنا، فيقلقهم أن نفكر لوحدنا بمعزل عنهم، ويزعجهم أن نعيش من دون الرجوع الى اقتراحاتهم، ويصيبهم في مقتل أن نتجاهل تعليماتهم.. ونمضي في حياتنا بعيدا عن أهوائهم.
يترصدون لخطواتنا كلما ابتعدت قليلا عنهم، فيحفرون الحفرة تلو الحفرة للإيقاع بنا ووقف خطواتنا، فإن لم يستطيعوا ذلك أنذرونا بالويل والثبور وعظائم الأمور في الدنيا وفي الآخرة أيضا، وكأن الله قد فوض إليهم أمرنا في الدنيا وترك لهم تحديدا مصيرنا في الآخرة.. جل وتعالى الله عما يفعلون ويعتقدون.
يختلفون فيما بينهم، لكنهم يحرمون علينا فكرة الاختلاف فيما بيننا ومعهم أيضا.
يتناقشون فيما بينهم، لكنهم يصفون نقاشاتنا مع بعضنا البعض باللغو، ونقاشاتنا معهم بأنها اعتراض على الله وحكمه وشرعه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
يمارسون حياتهم كما يشتهون، ويتوقعون أن نمارس حياتنا مثلهم، أي كما يشتهون هم لا كما نشتهي نحن، فإن خالفنا توقعاتهم بحثوا من بين أضابيرهم عن نص ما يستخرجونه يشرحونه لنا لا في سياقه بل كما يشاؤون، المهم أن يدينوننا بواسطة شروحاتهم له، ولتذهب أفهامنا نحن الى جحيم التجهيل.
يحرمون ويحللون.. بكيفهم.
يتباهون بعدد من يسمونهم بـ«الأتباع» لهم، من دون أن يمنحوا هؤلاء الأتباع إلا فتات الردود على أسئلتهم وتعليقاتهم.. أحيانا.
يعتقدون أن لحومهم مسمومة وأن لحومنا مذبوحة ذبحا حلالا، فلا يتوانون عن نهشنا.
يعرفون من أين تؤكل الكتف، لكنهم لا يكتفون بها ولا تشبعهم سوى الوليمة كاملة.
•••
من نحن؟
نحن البشر بكل ملامحنا وصفاتنا ومكوناتنا البشرية. لسنا ملائكة ولا شياطين.. مجرد بشر.
•••
وسؤالي لهم: من أنتم؟ من أنتم لتفعلوا بنا كل ذلك؟ من أنتم فعلا؟