كتاب سبر

القطري .. أتعب مَن حوله

أكتب هذه السطور في الوقت الذي يتداول فيه العالم خبر تنازل أمير قطر الشيخ حمد آل ثاني عن الحكم لولي عهده الشيخ تميم بن حمد أحد مواليد جيل الثمانينات والناشئين في التسعينات وشباب ألفية الثورات والفيس بوك والتويتر.
لم يتنازل الحاكم القطري عن كرسيه وسلطته بكامل إرادته إلا لقناعته بصلاح وسلامة هذا القرار ولإيمانه بأن هذه الخطوة العملاقة ستحقق الخير لبلاده وشعبه، كما أن هذه النقلة النوعية لم تحدث بين ليلة وضحاها بل أتت بعد سنوات من بناء قطر الحديثة تحت قيادة شيخها حمد الذي تفوق على السياسة السعودية ونافس الاقتصاد الإماراتي وسحب البساط من الإعلام الكويتي فنهضت قطر وأصبح شعبها أغنى الشعوب وأسست أقوى أدوات التأثير التي تمتلكها ممثلة بقنوات الجزيرة ثم كسبت شرف استضافة أكبر الفعاليات الرياضية في العالم وقبل كل هذا أصبحت طرفاً سياسياً أساسياً في كل قضية عربية بل و حتى إسلامية! وحتى لا نجامل القطريين يتوجب علينا تذكيرهم بحتمية المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وهي التي وعد بتطبيقها الشيخ حمد خلال العامين القادمين.
هذا الدرس القطري النادر موجه أولاً للحكام العرب ثم للشعوب المتورطة ببعضهم، فكم من حاكم التصق بكرسيه حتى مات عليه وربما دُفن معه؟ وكم من رئيس ضحى بأجيال من بني قومه في سبيل بقائه على عرشه؟ وكم من أميرٍ وملكٍ وزعيمٍ يصدق فيه قول الشاعر أحمد مطر:
اثنـانِ في أوطانِنـا
يرتَعِـدانِ خيفَـةً
من يقظَـةِ النّائـمْ:
اللّصُّ .. والحاكِـمْ!
وكمواطنٍ كويتي أستلهم من هذا الحدث العالمي عدة دروس:
1-  أن مكان الشباب من أقران تميم هو الحكم وليس المحاكم والسجون، فالمستقبل لهم والقادم من الأعوام لن يكون في صالح أعداء التغيير المتشبثين بأنظمة عفا عليها الدهر.
2-  أن الإعلام الفاسد في الكويت صدق في الربط ما بين الحكومة القطرية والمعارضة الكويتية! فكلاهما تركا المناصب المضمونة من أجل المبادئ حيث تخلى حاكم قطر عن كرسيه فيما رفض خوض الانتخابات الكويتية رجالٌ أغلبهم ضمنوا الفوز بالمقاعد البرلمانية الخضراء.
3-  أن الأمم التي ترفع شعار (الله لا يغير علينا) هي التي تتخلف وتظل في آخر الركب عندما تسبقها تلك التي حملت شعار (اللهم غير حالنا للأفضل)، وهذه رسالة للسلطة الساعية من أجل البقاء على طمام المرحوم والتي يلتف حولها أنصار الحكم الفردي وأتباع عصر المشيخة فيساهمون بعملية (تحنيط سياسي) للدولة ونظامها، وحول هذه المأساة لنا وقفة مقبلة بإذن الله.
المدونة : ala3mash.blogspot.com