الصوم السياسي!
كتب المقال: د. حسن عبدالله جوهر
ما أجمل ما وصفه الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله سلم لشهر رمضان المبارك عندما قال “هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب”.
حقيقة لا يمكن أن نحمد لله ونشكر ألطافه مهما اجتهدنا وهو سبحانه يفيض علينا من نعمه السابغة وموفور رحمته ومنها شهر رمضان الفضيل، فمن أسعد ممن يكون مضيفه رب العزة والجلال؟ وقد وجه له دعوة مباشرة ليكون هذا الضيف الذي خصه بكرامته؟ وكيف يجب أن يكون شعور الإنسان عندما تحتسب أنفاسه تسبيحات مقدسة ونومه وراحته عبادة وعمله مقبولاً بالإطلاق ودعاؤه محل استجابة؟
وما أحوجنا إلى مثل هذه النفحات الربانية والعناية الإلهية التي لا تحدها حدود وتغمر الوجود، وتتكرر معه على مر السنين صدق الوعود، ولكن العبرة الحقيقية تتجلى في الذات الإنسانية ومدى توفيقها للفوز والظفر بمثل هذه الجائزة الكبرى، وهل هي أهل لاستحقاقها رغم أنها تقدم له على طبق من ذهب وبأدنى درجات الكل والتعب!
ولعل هذه الحاجة إلى التوفيق والسداد الإلهي تزداد ونحن نستهل الشهر الكريم بموسم سياسي حافل بكل أشكال وألوان المرديات، وقد تعودنا أن نسمي أيام الانتخابات بالعرس الديمقراطي حيث تستباح الآثام والموبقات وفي جميع الاتجاهات من قبل الكثيرين وتحت مبررات واهية هدفها مصلحة دنيوية رخيصة.
ودعوة صادقة نوجهها إلى أنفسنا وإخواننا وأخواتنا الكويتيين ونحن على مشارف شهر أمرنا الله سبحانه بالصيام كمصداق للامتناع ليس عن الأكل والشرب إنما عن الغيبة والنميمة، كما أمرنا عن كبح جماح الجوارح عن المعاصي والذنوب ومنها بالتأكيد الفتنة والشتيمة، وأجزل سبحانه الأجر والثواب في صلة الأرحام والتزاور لإشاعة روح المحبة والاحترام، وبالتأكيد ليس من أجل بث سموم الكراهية والأحقاد.
وكتجربة متواضعة في العمل السياسي والنشاط الانتخابي تحديداً أدرك تماماً حجم توتر الأعصاب، والشغف من أجل كسب الأصوات ليس عبر طرح الأفكار والرؤى الخاصة للمرشح إنما بالقدح والذم والتقول على الآخرين، وقد تكون هذه طبيعة البشر، وهذه السلوكيات ثقافة مريضة استفحلت وتحولت إلى مرض عضال، ولكن لا خير فينا إن لم نتق شرور مثل هذه الآفات بحق بعضنا بعضاً، وبحق بلدنا الذي تحدق به كل الابتلاءات على الأقل في هذه الليالي المباركة من شهر رمضان المعظم أعاده الله على الجميع بالخير والسرور والأمن والأمان.
أضف تعليق