أقلامهم

ابتسام العون: فرح اوباما، ليكون الحل السياسي الروسي مخرجا له من هذا المأزق.

لأجل خاطر عيون…
بقلم: ابتسام العون
العالم حبس أنفاسه تحسبا لتلك الضربة العسكرية المرتقبة لطاغية الشام الذي دمر البلاد وشرد العباد واستباح الدماء وهتك الأعراض ورقص على الجثث والأشلاء بعرس دموي لم يشهد التاريخ مثله وذلك في المجازر الوحشية التي ارتكبها في حق الإنسانية.
وبينما العالم يترقب هذه الضربة يطل علينا الرئيس الأميركي باراك أوباما بخطاب نقرأ ما بين أسطره أن أميركا هي القطب الأقوى في العالم وأنه لن يتراجع قيد أنملة عن الخيار العسكري، وأن ما حدث في الغوطة لا يتعلق بالأطفال الذين لقوا حتفهم وحدهم بل يتعلق بالأمن الأميركي القومي ومن خلال خطابه أرسل رسالة قوية لروسيا وسورية بأن القوة العسكرية على أهبة الاستعداد، وأهم كلمة قالها أوباما في خطابه هي «التميز الأميركي» أي أن الأغلب يفضلها ويتبعها في حالة الاختيار وهذا ما يسمى بالقوة الناعمة.
وفي وسط هذا الترقب وتورط الرئيس الأميركي بالمقولة التي اطلقها وهي أن استخدام السلاح الكيماوي يمثل «خطا أحمر لا يمكن تجاوزه» والتي تجاوز فيها فرعون الشام الخطوط الحمراء ولم يتورع عن إبادة شعبه وتدمير البنية التحتية وإلغاء سورية من الخريطة الجغرافية والإنسانية، وفي وسط هذا الترقب كانت هناك رحلات مكوكية ومحادثات جانبية بين روسيا وإيران وسورية واتصالات مع الغرب والشرق للخروج من عنق الزجاج في ظل التهديد الأميركي بالضربة العسكرية، وفي نهاية المطاف اطل علينا الرئيس الروسي بوجهه المكفهر ليمارس علينا العهر السياسي على أصوله ويغير الأولويات ويقلب طاولة الحوار على رأس الأميركان ويحول أنظار العالم نحو المقترح الروسي وهو تسليم وتفكيك الترسانة الكيماوية السورية، أليس هذا من الخيانة العظمى للشعب السوري حين تسلم ترسانته الكيماوية والتي كلفت المليارات من قوت الشعب ومقدراته من أجل بقاء عباد الكراسي ونظام الأسد البائد في سدة الحكم؟
وفرح اوباما بهذه المبادرة، حيث أبدى اعجابه والتقط أنفاسه ليكون الحل السياسي الروسي مخرجا له من هذا المأزق، ومن يقول ان السياسة هي فن الممكن هو واهم، بل هي فن المصالح والتقاتل والرقص على مصائر الشعوب وحرياتها والبقاء للأدهى والأقوى.
ومن الخذلان أن تتقاذف الدول العظمى الملف السوري وتلزم الصمت لسنوات ثم تعاقب النظام السوري بحل سياسي جائر، فمن الإجحاف أن تختزل القضية السورية بالأسلحة الكيماوية وفي هذا رسالة واضحة للأسد وضوء أخضر بالتدمير والقتل والترويع بالأسلحة الأخرى لا بأسلحة الدمار الشامل، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيسمح المجتمع الدولي بمزيد من القتل والدمار للشعب السوري؟
والقضية هنا ليست قضية أسلحة كيماوية إنما علاج القضية برمتها وهو إسقاط نظام الطاغية بشار الأسد.
ولو تدخلت أميركا في الأشهر الأولى ولم تهمل الملف السوري وضغطت على نظام الأسد وحلفائه لما تجرأ على إبادة شعبه وضربه بالكيماوي ولتغير المشهد السياسي وجنبت أميركا المنطقة الكثير من المخاطر والتداعيات كالتجويع والتشريد للشعب السوري مما يشكل أزمة وضغطا على دول الجوار ومواردها الطبيعية إلى جانب غياب الأمن والسلام بتهديد العالم بحرب نووية وشيكة، وتتحمل روسيا مسؤوليتها الأدبية والأخلاقية والقانونية في قتل الشعب السوري بأسلحة روسية.
وتأكد عزيزي القارئ أن الضربة العسكرية والحلول السياسية وكل المباحثات والاتصالات التي تجري هي لأجل خاطر عيون الطفلة المدللة إسرائيل وللحفاظ على أمنها الإستراتيجي والقومي والمصالح المشتركة فهي خط أحمر لا يمكن تجاوزه وليس حبا في الشعب السوري أو لسواد عيون الأطفال والثوار والأحرار.
وفي النهاية يبقى الحل بيد المعارضة الوطنية فهي قادرة على إسقاط النظام الأسدي المستبد وإقامة حوار وطني شامل وإعادة تأهيل حزب البعث ودمجه في المجتمع السوري فالحرية لا توهب على طبق من ذهب بل تنتزع انتزاعا.
? عبقريات: ما مصير ميزانية خطة الطوارئ بعد العدول عن الضربة العسكرية؟.. ذهب مع الريح.