أقلامهم

ناصر المطيري: هيبة القانون لا تأتي من تطبيق جزئي أو نسبي للقانون، وعلى شريحة ضعيفة من الوافدين.

خارج التغطية
نطرق العقول لندرك المعقول
ناصر المطيري
هل تطبيق القانون في البلد أمر مرتبط بمناسبة أوبموسم؟ وهل هو مقترن بشخص بعينه، أو بحالة وظرف سياسي أو اجتماعي معين؟ السؤال قد يبدو غريبا لأول وهلة ولكنه تساؤل مستحق أمام ما نرصده من أسلوب تطبيق القانون بحسب الظروف والمناسبات وتغيّر المسؤولين.
نعم هذه هي الحقيقة الملموسة نقولها بكل صراحة وموضوعية لأنه يبدو أن التعامل مع القانون ممارسة وتطبيق لايمثل نهجاً أوقناعة راسخة في العقل الكويتي ادارياً وأمنيا وسياسياً واقتصادياً، فالثقافة التي تشكلت في ذهن المجتمع في الكويت- أن تطبيق القانون أمر نسبي وليس مطلقاً، وأن للقانون خطوطا حمراء لايتجاوزها وأشخاصا لايطالهم، وللقانون درجات تتفاوت في التطبيق تختلف من وزارة أو هيئة حكومية وأخرى.
أقول هذا الكلام وأنا اتابع «الاحتفاء الشعبي» الكبير باللواء عبدالفتاح العلي وكيل وزارة الداخلية لشؤون المرور، ففجأة أصبح هذا الرجل نجماً تتسابق اليه الصحف والمحطات الفضائية تتابع عمله وتحركاته و«كبساته»، وأمسى حديث السمّار في الدواوين.. لماذا؟!
هل لأنه «بدأ فعلا» بتطبيق القانون؟ وكيف كان ذلك القانون في عهد مَنْ سبقه وهل كان القانون في الكويت ينتظر اللواء عبدالفتاح لكي يبدأ تطبيقه بشكل جدي؟ وهل من سبق عبدالفتاح العلي في منصبه كان مقصرا أو متهاوناً في تطبيق القانون؟
وفي المقابل هل كان اللواء العلي في ادارته السابقة يطبق القانون بهذا الشكل الذي يُسعد الكويتيين اليوم؟! ماذا حصل وماذا استجد؟ علامات استفهام وتعجب مشروعة نطرق بها العقول لندرك المعقول.
اسمحوا لي أن أنظر للموضوع من زاوية أخرى، وأقول بأن مايقوم به اللواء العلي على مستوى المرور جهد ممتاز ومحل ترحيب واشادة من الجميع، ولكنه في الوقت ذاته يعري الحكومة التي أصبح مجرد أن يقوم مسؤول معين «فقط بتطبيق القانون» حسبما يمليه عليه الواجب يُحسب ذلك انجازا يتغنى به الناس ويخلق من المسؤول «سوبر ستار» لايشق له غبار، نعم مجرد تطبيق القانون ولو «جزئيا» هو انجاز في زمن الاعجاز.
هيبة القانون التي يريدها الناس لاتأتي من تطبيق جزئي أو نسبي للقانون، وعلى شريحة ضعيفة من الوافدين والعمالة الأجنبية «وتسفيرها» بل اذا كان للقانون هيبة حقاً، فليحاسب الكفلاء الكويتيين «والهوامير» الذين جلبوا حشود العمالة ونشروهم في شوارع الكويت واستخرجوا لهم اجازات القيادة باعتبارهم سائقين لديهم على خلاف الحقيقة فخلقوا أزمة مرور في البلد.
ثم هل ننتظر أن يأتي «عبدالفتاح» آخر لكي نحتفل بتطبيق القانون في وزارات الصحة أو الأشغال أو البلدية أو الشوؤون وغيرها من مؤسسات الدولة، وهل نستنسخ عبدالفتاح جديداً مثلاً ليلاحق لصوص المال العام ومن عاثوا في البلد فسادا وسرقوا وأحرقوا، ومن أطعموا الناس الأغذية واللحوم الفاسدة؟ كل هؤلاء يخرجون مثل الشعرة من «عجين القانون» في الكويت! في حين نحن نواصل احتفالنا وبهجتنا بتطبيق قانون المرور «فقط» في وسط «نعمة الزحمة» مع اللواء المحترم عبدالفتاح العلي.