أقلامهم

إبراهيم المليفي: واقع لا يمكن التهرب منه، وهو 49 نائباً يقفون مبعثرين مشتتين أمام كتلة نيابية متماسكة هي الحكومة.

الأغلبية الصامتة: «معارضة غصبن عليكم»
كتب المقال: إبراهيم المليفي
من الناحية الشخصية ليس لدي تحفظ على فكرة استطلاع رأي المواطنين بطريقة علمية مدروسة، بل أضيف على الرغم من قناعتي الراسخة بأن القضية الإسكانية تجلس متربعة على رأس أولويات أغلبية الشعب الكويتي فإنه لا مانع من تجسيد تلك القناعة إلى أرقام ونسب متاحة للرأي العام وأصحاب القرار.
ما يشغلني في موضوع استبانة وليس “استبيان” مجلس الأمة هو تحليل الدوافع السياسية التي أفرزت تلك الفكرة، ومن أيدها لماذا؟ ومن “ردح” ضدها لماذا؟ مجلس الأمة الحالي والمبطل الذي سبقه تم الوصول إليه بآلية تصويت لا تسمح بتكوين كتل نيابية منسجمة في أفكارها وتوجهاتها، لأن كل ناخب لا يستطيع اختيار قائمة أو حزب له برنامج واضح ومحدد المعالم والتطلعات.
بكلام آخر كل مرشح خاض الانتخابات “وعد” ناخبيه بمجموعة وعود هو يعلم في داخله، أي المرشح، أنه لا يملك غير صوته داخل البرلمان، وكذلك الناخب يعلم أيضا أنه لا يملك غير صوت واحد سيمنحه رغماً عنه لأقرب المقربين إليه بحكم العادات والتقاليد، وهذه الحالة من الفردية في العمل السياسي لا تنتج غير واقع لا يمكن التهرب منه، وهو تسعة وأربعون نائباً يقفون مبعثرين مشتتين أمام كتلة نيابية صلبة ومتماسكة هي الحكومة.
وقد بدأت الحياة السياسية في الكويت بصورة تقود إلى تطوير العمل السياسي ودفع الناس لاختيار البرامج لا الأشخاص، وكان نظام العشر دوائر يلبي متطلبات تلك المرحلة قبل أن يتعثر عدة مرات، ثم تم بذر “الفردية” بنظام الدوائر الـ25 الذي دعم بنظام التوزيع الفئوي للمواطنين على مختلف مناطق الكويت، حتى فاضت السلبيات وانفجر الوضع شعبياً، وأتى نظام الدوائر الخمس بأربعة أصوات، وهنا يجب التذكير بأن الحكومة لم تفقد مطلقا أغلبيتها النيابية ضد الأصوات المعارضة في أي نظام تصويت انتخابي مر على الكويت ما عدا المجلس المبطل الأول، ولكنها مؤخراً لم تفقد سوى كفاءة الإدارة لمشاكلها ومشاكل البلد.
لم نبتعد كثيراً عن استبانة مجلس الأمة الأخيرة، وهي كما نفهمها ضمن تفاصيل المشهد السياسي مجرد “طوق نجاة” لكل نائب وعد وهو يعلم أنه لن يحقق غير وعد “تخليص المعاملات”، وهي طوق نجاة لمن وصل على أكتاف الأقارب، وهو لا يعرف من أين يبدأ وكيف ينتهي، وهي طوق نجاة لمن وعد بتطبيق الشريعة الإسلامية ويريد التملص من ذلك الوعد بحجة أن “الإيد الوحدة ما تصفق”، وهي طوق نجاة لمن يريد محاربة المد الصفوي أو الإخوان المسلمين، وهو يعلم أن كل مفاتيح اللعبة بيد الحكومة.
في الختام تبقى استبانة مجلس الأمة مجرد “تفصال” كويتي لطريقة العمل السياسي على مقاس نظام التصويت الأحادي، حيث يتم انتخاب النواب لكي يضعوا البرامج، وليس انتخاب البرامج كي تضع النواب.
الفقرة الأخيرة:
 كما أن الاستبانة “طوق نجاة” هي أيضا “طوق” برقبة كل نائب وعد بحل قضية لا يمكن الانتهاء منها دون المرور فوق محطات الحساب السياسي العسير للحكومة، يعني “بتصيرون معارضة ومؤزمين غصبن عليكم”.