أقلامهم

مشعل الظفيري: يتباكى رجال الدين عندنا على أحوال المسلمين في العالم، بينما البدون بيننا في أمس الحاجة لنا.

إضاءة للمستقبل / «البدون» في بورما
مشعل الفراج الظفيري
يتباكى رجال الدين عندنا في الكويت على أحوال المسلمين في شتى بقاع العالم ويجمعون مئات الآلاف من الدنانير لهم في بورما وسورية وبعض الدول الأفريقية وهذا واجب عليهم لا شك فيه ولا ريب… قد اوسعونا صراخاً من على منابر الجمعة، وقد استنزفوا أموال الناس نصرة للأيتام والنساء والشيوخ المنكوبين في بعض الدول التي جار عليها الزمن، وهذا أيضاً أبسط ما نقدمه نحن المسلمون فرسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول ما نقص مال من صدقة… بينما لنا أخوة يعيشون بيننا هم بأمس الحاجة لهؤلاء الدعاة لينتصروا لهم ويرفعوا الظلم عنهم فهم أحق وأجدر بالنصرة فالحق يقول الأقربون أولى بالمعروف.
إنهم البدون الذين ضاقت بهم السبل وتقطعت بهم الحيل فلا سكن يليق بحياتهم الآدمية ولا وظائف مناسبة حتى للمتعلمين منهم ويحاربون حتى في إصدار شهادة الوفاة… أي حياة هذه وأي منطق يتبعه رجال الدين حتى ان الجمعيات الخيرية القائمة على تبرعات الدولة والمواطنين تمتنع عن مساعدة المحتاجين منهم وتدار أمورها بالواسطة والمحسوبية.
الكل لا يريد إنهاء معاناة أكثر من مئة ألف نفس بشرية وكأنهم رجس من عمل الشيطان مع العلم أن الحل جداً بسيط ولكن بسبب ضعف السياسات الحكومية المتعاقبة وضعف مؤسسات مجتمعنا المدني وكذلك تراخي الكثير من أعضاء مجلس الأمة في السنوات الماضية ساهم وبشكل مباشر في استفحال قضيتهم وصارت سبة في جبين الكويت أمام جمعيات حقوق الإنسان العالمية.
لكم أن تتخيلوا عامل نظافة غير مسلم يحصل على كافة حقوقه البشرية في الكويت بينما البدون يحصلون على الرعاية الطبية بعد أن تقترب روحه السابعة على الخروج… طفل يعاني من السرطان يتكفل والده بنفقات علاجه بالكامل في الخارج لكنه يموت طريح الفراش في مستشفياتنا بسبب عدم موافقة الدولة على استخراج جواز له لأنه من فئة البدون (حسبنا الله ونعم الوكيل)… لم نكن نعرف هذا المسمى قبل تسعينات القرن الماضي فقد كان البدون شريك أساسي في الدولة وكان يعامل كمواطن صرف فهم عملوا في شركات التنقيب عن النفط في عام 1959، وكانوا اساتذة في الجامعة وفي مدارسنا العامة والخاصة كما أنهم حملوا شرف الخدمة العسكرية حتى وصل البعض منهم لحراسة حاكم البلاد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد يرحمه الله وبعد هذا كله يقال لهم أنتم بدون وعليكم استخراج وثائقكم الأصلية، ومنهم من لم يحصل على حقوقه المادية بعد خدمة امتدت لأكثر من ثلاثين عاما في الخدمة العسكرية.
أتحدث عن الحقوق المدنية كاملة وغير منقوصة ونحن ننعم بهذه النعم الوفيرة حتى ان القطط في الشوارع لا ترى منها الضعيف أو حتى المريض… ومن يستحق الجنسية منهم فليتجنس ولا تتركوا هذا الملف للمزايدات أو التكسب السياسي وهناك بدون لديه وطنية أكثر من الكويتي فأنصفوهم يرحمنا ويرحمكم الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال… قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه». 
*
إضاءة :
في أوروبا البدون هناك يتقاضون رواتب وهم جالسون في البيوت.. وفي بلادنا المسلمة يتقاضى بعض أبناء البدون راتب 150 دينارا (530 دولارا) مقابل 11 ساعة عمل!