أقلامهم

حسين العبدالله: تأخير اعتماد قانون مكافحة الفساد يعكس عدم مصداقية الحكومة في مواجهة فساد مسؤوليها!

مرافعة : جريمة مع وقف التنفيذ!
كتب المقال: حسين العبدالله
«الجنايات» تحيل «التداول الوهمي» من قانون «هيئة السوق» إلى «الدستورية»
في ظل غياب حقيقي لتطبيق قانون مكافحة الفساد الصادر منذ نوفمبر 2012 بمرسوم ضرورة وتمريره من قبل المجلس المبطل الثاني لا يمكن الحديث عن محاسبة أي مسؤول عن جريمة فساد في ظل عدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون، والسبب في ذلك أن اكتشاف هذا النوع من الجرائم يستلزم، وإزاء عدم التبليغ عنها، تفعيل ما نص عليه القانون من تقديم إقرارات الذمة المالية من قبل الخاضعين تحت طائلة القانون، وهم الذين أوردهم القانون على سبيل الحصر من كبار المسؤولين في الدولة يتقدمهم الوزراء وأعضاء مجلس الأمة والقضاة وأعضاء النيابة العامة والادارة العامة للتحقيقات والفتوى والتشريعات وغيرهم من الحالات المذكورة بالقانون!
لا يمكن تفعيل قانون مكافحة الفساد بسبب عدم إقرار اللائحة التنفيذية للقانون والتي مازالت حبيسة أدراج الدراسات الحكومية للنصوص الخاصة بها منذ فبراير الماضي، كما لا يمكن تفعيل الجريمة الأساسية التي أوردها القانون ممثلة بالكسب غير المشروع لعدم التمكن من الوصول إليها بسبب عدم تفعيل إقرارات الذمة المالية المرتبط أمر تفعيلها بصدور اللائحة!
بل أنه وحتى ومع إقرار اللائحة التنفيذية للقانون فسنكون أمام جريمة مفتقدة للتعريف القانوني وللأركان المادية والمعنوية لاثباتها ومثل هذا القصور أكد عليه تقرير المجلس الاعلى للقضاء المقدم للحكومة في يناير الماضي، وبالتالي فنحن أمام عوائق قانونية كبيرة الأولى أن لدينا نصوصا ولا يمكننا تفعيلها لان اللائحة لم تصدر، وثانيا أنه وعلى الفرض الجدلي بأن اللائحة قد صدرت واعتمدت من مجلس الوزراء فسنكون أمام نص معيب سيدخل المحاكم في باب الاجتهادات التي قد تصب في صالح الجناة في هذا النوع من الجرائم!
ورغم ذلك فإنه أصبح لزاما على الحكومة وتأكيدا لمصداقيتها أن تعمل على علاج الخلل الذي يعتري قانون مكافحة الفساد، فالواقع لا يمنع إقرار اللائحة للبدء في استحقاق إقرارات الذمة المالية للمسؤولين الخاضعين للقانون، كما لا يمنع بذات الوقت أن تطلب تعديلا لبعض النصوص التي يشوبها القصور حفاظا على الغاية التي من أجله تم إصداره.
الكشف عن شبهات الفساد الاداري والتنفيع من بعض مسؤولي الدولة أو المكلفين بالخدمة العامة كأعضاء مجلس الأمة والبلدي هي أمور لا يمكن إثباتها إلا من خلال المراقبة على ممتلكات المسؤولين واملاكهم الخاصة والتي لا يمكن التحقق منها إلا من خلال إقرارات الذمة التي أوردها القانون على الخاضعين منه.
وبالتالي فإن التأخير في اعتماد اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الفساد هو أحد أساليب الرفض الضمني لإدخال القانون حيز التنفيذ لعرض ممتلكات المسؤولين الخاضعين للقانون على طاولة رقابة الدولة، كما يعكس عدم مصداقية الحكومة في مواجهة أحد وأهم أكبر القضايا التي تواجهها الدولة وهي فساد مسؤوليها!

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.