الديوانية
من يوقف جنون إراقة الدماء؟
الاسم: أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
منطقتنا العربية والإسلامية مملوءة بمشاهد إراقة الدماء، وهذه حالة تتم لضيق آفاقنا، وتواطؤ بعض أنظمتنا، وتسلح مجنون للبعض الآخر، وتغذية الغرب وإتاحة الأسلحة لأيدي أطراف مجنونة بهوس طائفي أو فكر تطرفي أو بتعصب عرقي أو تبرير ديني. وبكل تأكيد بإجرام صهيوني تمارسه دولة العصابات والعدوان الصهيوني بنشوة التباهي لإراقة دم المسلمين الفلسطينيين أملا في تصفيتهم أو ترويعهم لمغادرة وطنهم وتركه لهم، لكن هيهات لهم بلوغ ذلك.
ولنعد لقصة إراقة الدماء الجنونية في العالم العربي، واضح أن الغرب قد تعمد أن يقسمنا إلى دويلات متناحرة متقاتلة، وهو قد قرر زيادة هذا الوضع المأساوي من خلال فكرة الشرق الأوسط الجديد الذي يتم بموجبه تقسيم الدويلات العربية إلى دويلات أصغر تشيد على كيانات عرقية وطائفية ومذهبية واثنية، لا تتعايش إلا بحالة من الاقتتال والتناحر ما يعني أن يكون الجمر تحت رمادها سهل الإشعال بعوامل التغذية الخارجية قبل الداخلية، فتستمر حالة الاقتتال والنزاع المسلح، ومن ينظر إلى أكثر البقع حروبا وقتالا يجدها في العالم العربي والإسلامي، ففي السودان حرب استنزاف مستمرة رغم انفصاله لدولتين، واليمن لا يهدأ رغم تغيير رئيسه لكن بكياناته المتناثرة، وسوريا قتال قسمها لدولتين واقعا ومقاطعات لأمراء حرب، والعراق بحرب طائفية وتصفيات متطرفة، وليبيا مقسمة في حرب أهلية بين زعماء قبائل وامراء حرب وأفغانستان كذلك، وها هو الكيان الصهيوني يشن حربا لا تبقي ولا تذر على غزة، كل ذلك يتم بسلاح يبيعه الغرب وسماسرته ومن أموالنا، فنحن نقتل أنفسنا بأيدينا وبأيدي أعدائنا وقد نجح الغرب أن يوجد شرقا أوسط جديدا بتقسيمنا لدويلات جديدة، ويبقي الأخرى غير متماسكة ومهددة، ضمانا لأمن اسرائيل التي تعيث فسادا بالقتل والهدم، فلنحقن دماءنا ولتكن إراقتها فقط في مواجهة الكيان الصهيوني بفلسطين.
***
الانتقائية السياسية في تطبيق القانون
لا يجزع أحد من أن تبادر الحكومة إلى تطبيق القانون، بل ذلك هو المسلك الطبيعي لدولة القانون والمؤسسات الدستورية، إذ ان تطبيق القانون يعني أنه لا يوجد من هو فوقه أو قادر على تجاوز أحكامه أو من يفلت منه لوجاهة أو ثراء أو نسب، وقد أعلن هذا المبدأ نبي البشرية صلى الله عليه وسلم بقوله «والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، مضيفا «إنما أهلكت الأمم من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد». فلا معنى لتطبيق القانون إذا تجرد من المساواة والعدالة والضمانات والفورية وأهلية من يطبقه، كأن تسود فيه الانتقائية السياسية وملاحقة الخصوم السياسيين أو بدافع الانتقام أو التشفي، فتلك منزلقات خطرة نرفض أن تتجه إليها حكومتنا في سحب الجنسية أو ملاحقة جمعيات النفع العام، أو لتراخيص الصحف فهذا هدم لأساسيات دولة القانون لا يمكن الصمت ازاء تجاوز الحكومة فيه. وهو يتعارض مع الدستور الذي أرسى دولة القانون.
اللهم إني بلغت.
أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع
أضف تعليق