الكويت والربيع العربي
قام (الربيع العربي) بثورات شعوب مسحوقة من طواغيت دمروا كل ما هو جميل في أوطانهم، فثار التونسيون والليبيون والمصريون واليمنيون والسوريون وغيرهم، ورحب الكويتيون قيادة وشعبا بهذا الربيع الزاهر، ولم يتوجسوا منه خيفة، ورددت الحكومة والمعارضة معاً العبارة الجميلة: «الكويت تعيش ربيعها العربي منذ 1962».
حيث إن للقيادة الكويتية علاقات تاريخية مميزة مع كثير من القيادات والأحزاب الجديدة، القادمة لإدارة أوطانها عبر الديموقراطية التعددية وتداول السلطة، كما أنها قامت بأدوار إيجابية كالتوسط للمصالحات واستضافة المنفيين وإيصال التبرعات للعديد منها طوال سنوات ماضية.
كما أنها صادقة في رفض الاحتلالين «الصهيوني» و«الإيراني» للأراضي العربية المحتلة في الشقيقتين «فلسطين» و«الإمارات»، ولا تستخدمهما كشعارات فارغة للاستهلاك الإعلامي فحسب، لذلك لم تحس الكويت أنها غريبة عن (الربيع العربي)، بل اعتبرته سنداً قوياً وطوق نجاة من أنظمة فاسدة لا تواكب العصر وتطلعات الشعوب.
وقد قامت دولتان (اقليميتان) بتكوين محور (الثورات المضادة) كما يعرف بالإعلام السياسي، حيث استضافتا فلول الأنظمة الساقطة كأشخاص وأموال، وفتحتا أمامهم آفاق الإعلام الفضائي والتخابر الأجنبي والتآمر الأمني والسياسي لمنع (الربيع العربي) من النهوض والانتشار.
واستوردتا خطابا دينيا (كنسيا) تخويفيا وتخوينيا لنزعات التحرر الفطرية في الإنسان، والتي أتى الإسلام العظيم ليرعاها ويهذبها، منذ ردد المسلم الأول قول كلمة التوحيد: «لا إله إلا الله»، فأسقط بذلك كل عبودية لمال أو سلطة أو شخص، سوى الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء.
وأخطر ما في المشهد السياسي المحلي اليوم، هو انفتاح المجتمع الكويتي بطرق مشروعة وغير مشروعة، أمام المشاريع والمحاور الأجنبية، ولعل مظاهر الإثراء السريع والحسابات المتضخمة دلائل على ذلك، بجانب ما يشتكيه المسؤولون (الكبار) أنفسهم، من وجود مواطنين يقومون بخدمة أجندات أجنبية!
حيث إن مصلحة الكويت – سلطةً وشعبا / اقتصاداً وسياسة – هي مع ازدهار (الربيع العربي) ورسوخه، حيث يوفر للديموقراطية الكويتية مناخــا اقليمــــياً داعـــــمـــــاً وحافــــــظــا، كما أنه يؤمن للســـــيولة الــــــنقـــــدية العــــــامة والخاصــــة مـلاذاتٍ آمـــــنــــــةٍ بـــــعيـــــدةً عن مصارف الغرب ومصالحه المتقلبة.
لكن لوبي – جماعة ضغط – (الثورات المضادة) المحلي من مسؤولين وسياسيين وإعلاميين ومستشارين مرتشين، يحاولون توريط وطننا بمؤامراته العبثية، والذي ثبت فشله في تونس وتركيا وليبيا والمغرب وغزة وغيرها، وذلك لتخفيف العبء المادي والمالي والمعنوي عن الدولتين (الإقليميتين) القائدتين له.
حسنا تفعل القيادة الكويتية بالحفاظ على مسافة بينها وبين ذلك المحور، وعلى الشعب واجب شكرها وتعزيز ثباتها على هذا الاتجاه العاقل، فنحن إلى (الربيع العربي) ننتمي بإسلامه وعروبته وحرياته، لا إلى (الثورات المضادة) وديكتاتوريات العسكر التي لم تجلب لنا سوى هزائم 1948 و1967 واحتلال 1990، والحمد لله أولا وأخيرا.
أضف تعليق