أمن المواطن الإسرائيلي الصهيوني المغتصب أمر مقدس لا يمس، فقد تطلب ذلك قتل 1853 شهيداً فلسطينياً، وأكثر من 9370 جريحاً، بمعدل 5 جرحى لكل شهيد، مقابل 66 قتيلاً إسرائيلياً، كلهم من العسكريين ما عدا ثلاثة مدنيين، واحد منهم تايلندي، أي بمعدل 28 شهيداً فلسطينياً مقابل كل قتيل إسرائيلي.
وعلى الرغم من هذه المجزرة الباهظة الثمن من دم البشر المدنيين فإن نتانياهو لا يزال يتوعد باستمرار الهجمات على غزة بالقوة الضرورية لحفظ الأمن والهدوء للإسرائيليين، بدعوى الدفاع عن أمنهم، وهو في الحقيقة الدفاع عن احتلال إسرائيل لما تبقى من فلسطين.
هدف صهيوني واضح
ومادامت إسرائيل تتمتع بحماية أميركية اعتماداً على نفوذها في الكونغرس، فهي لا تعبأ بردود الفعل أو الاستنكار من أي جهة كانت، فهدف الصهيونية الاسراتيجي واضح، وهو الاستيلاء على كل الأراضي الفلسطينية، وأسلوبها في ذلك هو استخدام العنف ضد الفلسطينيين لتكسير عظامهم ودفعهم للهجرة أو القبول بما تتفضل به إسرائيل عليهم، وفي الوقت نفسه الاستمرار في التوسع في المستوطنات التي ترفض إيقافها حتى أثناء جولات المفاوضات مع الجانب الفلسطيني الذي قبل الدخول في جولة المفاوضات الأخيرة، متنازلاً عن شرط إيقاف الاستيطان.
حكم ذاتي للفلسطينيين
وحقيقة الأمر، فإن نتانياهو هو وحلفاؤه في الحكومة، وهم أكثر تطرفاً منه، لا يريدون النجاح للمفاوضات، وشروطهم التي يطرحونها للتوصل إلى اتفاق هو حكم ذاتي للفلسطينيين في كيان منزوع السلاح تحت الهيمنة الإسرائيلية بما فيها السيطرة على الحدود، كل ذلك لحفظ أمن إسرائيل، أما استخدام العنف بأقسى درجاته، فهو منهج الصهيونية.
يقول الكاتب الصحافي جدعون راشمان في مقال له في جريدة الفايننشال تايمز: «إن قتل المئات من المدنيين ليس أمراً جديداً على الجيش الإسرائيلي، كما أنه ليس بجديد أيضا تلك الاحتجاجات العالمية»، بمعنى أن إسرائيل لا تكترث للاحتجاجات مادامت تتمتع بمساندة اللوبي اليهودي في الكونغرس.
لا للنقد
إسرائيل لا تقبل حتى النقد، وهاجمت وزير الخارجية الأميركي كيري ومساعده عندما حمّل فشل مفاوضات السلام على تعنت إسرائيل واستمرارها في بناء المستوطنات، وطيلة استمرار مجزرة غزة لم يصدر من أميركا غير المناشدة، وعندما شاع خبر اختطاف الجندي الإسرائيلي بادر أوباما إلى إدانة حماس ومطالبتها بإطلاق سراح الجندي المختطف، وجاراه في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ليتضح بعد ذلك أن الجندي قتل في اشتباك مع مقاتلين من حماس في رفح في قطاع غزة، وليس في أراض إسرائيلية.
إسرائيل التي استهدفت بعدوانها المساكن والمستشفيات والمدارس والأسواق، لم تلتفت لمناشدة العالم بذرائع أنها تستهدف الناشطين أو أن هذه المواقع فيها أسلحة، وعندما دان الأمين العام بان كي مون قصف إسرائيل لمدرسة تابعة لوكالة غوث اللاجئين يوم 2 أغسطس ذهب ضحيتها 10 شهداء، ووصف العمل بالفضيحة الأخلاقية والعمل الإجرامي، لم تكترث إسرائيل، وقالت إنها كانت تستهدف مقاتلين فلسطينيين، وأنها في حرب لا تستطيع التمييز بين من تصيبهم، في حين أن المسؤولين عن مدارس الأمم المتحدة يؤكدون أنهم أعطوا الإحداثيات للسلطات الإسرائيلية.
حرب غزة سببها الأساسي هو استمرار الاحتلال، واغتصاب إسرائيل للأراضي الفلسطينية، والتوسع في المستوطنات، ولا تكترث إسرائيل للنداءات والمواقف الدولية، كالانتقادات الشديدة التي أطلقها الرئيس الفرنسي هولاند، ومادام السند الأميركي يوفر لها الحماية السياسية والإعانات المالية (3,5 مليارات دولار) وإمدادها بالسلاح، فإن إسرائيل ستبقى ماضية في استراتيجيتها، ولا تقبل لا الاحتجاج ولا النقد، لأن إسرائيل والحماية الأميركية فوق الجميع.
أضف تعليق