أقلامهم

حسن كرم: لا يجوز أن تتحول الجنسية إلى أداة تهديد أو أي شكل من أشكال العقوبة

يبدو قد راق للحكومة سحب الجناسي..!! 
حسن علي كرم 
من المؤكد أن لا أحد ينازع الحكومة في قرارها سحب جناسي بعض المواطنين، فالقانون – واعني قانون الجنسية – قد خول للحكومة سحب أو اسقاط الجنسية عن حاملها في حالات التزوير وتهديد الامن الوطني، غير ان ما لا يتفق معه الآخرون هو شمول كامل الاسرة من ابناء أو احفاد أو اقرباء، وهؤلاء الآخرون قد يكون لا ذنب ولا جريرة تحمِّلهم.. اذا كان المعني بقرار السحب قد ادلى بمعلومات مغلوطة أو اساء للبلاد ذلك ان العقوبة شخصية وهذا ما يقرره الدستور بنص المادة (33)، فكيف جاز نزول عقوبة جماعية على اسرة كاملة صغارا وكبارا، رضعا وعجائز وشيوخا، فقط لأن واحدا من هذه الاسرة قد انحرف بسلوكه، ولكي نكون اكثر وضوحا فلا دستور ولا قانون يستطيع ان يكذب الاسرة المسحوبة عنها الجنسية انهم غير مواطنين اذا ثبت انهم قد وُلدوا على هذه الارض وترعرعوا فيها وتعلموا في مدارسها وتنفسوا بنسائم بحرها وغبار صحرائها، فالارض اهم وتأتي على اثبات الدم.
من هنا نقول ان قانون الجنسية بشكله الراهن يحتوي على الكثير من المثالب والمآخذ، وقد يتقاطع مع بعض النصوص الدستورية ولاسيما في باب الحقوق والواجبات. لذلك ولكي لا تستمرئ الحكومة سحب الجناسي العشوائي أو الانتقائي فلا مناص غير الاسراع بإعادة قراءة نصوص قانون الجنسية وتصحيح المثالب والمآخذ حفاظا على الحقوق وتطمينا للنفوس، فقد قال جل شأنه {ولا تزر وازرة وزر أخرى}. ولعل تبني بعض السادة نواب الامة مراجعة قانون الجنسية في الدورة البرلمانية المقبلة بحيث يتم تصحيح المثالب هو ما يريح النفوس الهلعة. ولعل في المقابل، ينبغي على الحكومة عدم التمادي في سحب الجناسي تحت أي غطاء أو مبررات أو اعذار وحجج يعلم الجميع القاصي والداني انها ليست اصل الحكاية وان اصل الحكاية يعود لأسباب في بطن الحكومة..!!
ولعلنا مثلما قلنا سابقا نعود لنقول راهنا ونقول لعشرات المرات، ان قانون الجنسية الحالي والصادر قبل ما يزيد على نصف القرن (1959) قد بُلي وقد فقد كينونته جراء التعديلات والاضافات التي أدخلت على نصوصه، ولعل الاصح هو اصدار قانون جديد للجنسية يراعي كل المستجدات الراهنة على الارض.. فالمخالفات – هذا اذا كانت هناك مخالفات – التي ارتكبت في قانون الجنسية من حيث المنح أو السحب لم تكن لتحدث الا لأن القانون قد استغل بشكل عشوائي وربما تعسفي، وهذا ما لا يجوز في دولة المؤسسات ودولة الدستور والقوانين ودولة يصح ان تحترم بها حقوق الانسان مقيما أو مواطنا وبهذا الصدد كانت ثمة مبادرات لعضو مجلس الامة السابق ووزير الاوقاف الاسبق السيد جمعان العازمي في شأن اصدار تشريع جديد للجنسية، الا ان المشروع انطوى برحيل السيد العازمي عن البرلمان واعتزال العمل السياسي.
خلاصة القول ان الجنسية ليست منحة فتمنح ساعة المزاج الرائق وتسحب ساعة تعكير المزاج.. والجنسية ليست تذكرة مرور مؤقتة وانما تعريف للمواطنة واثبات للوطن، والجنسية يقوم عليها الاستقرار النفسي والمعيشي والاجتماعي وعليه فلا يجوز ان تتحول الى اداة تخويف أو تهديد أو اقصاء أو انتقام أو أي شكل من اشكال العقوبة والمحاسبة.
الجنسية مواطنة والجنسية وطن والجنسية هوية والجنسية الهواء الذي يتنسم عبره المواطن والروح التي ينتعش بها، فلا تهوين ولا تسريف في الجنسية.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.