كتاب سبر

كلمة.. إلى العجمان ويام

كثيراً ترددت قبل كتابة هذه المقالة، ليس لسبب إلا خشية تفسيرها بأنني أستبق الأحداث قبل سحب جنسيتي. لكنني حدثت نفسي: منذ متى نلتفت إلى نبح النابحين؟ ثم إن خيلهم ستموت قبل أن توصلهم إلى جنسيتي، وهم يعلمون ذلك! اللهم إلا إذا استخدموا “قانون البطش” و”بند هذي ديرتنا وكيفنا”. عندها، وقبلها، أقول: الكويت ليست ديرة أسرة الصباح وبعض التجار فقط، بل ديرتنا كلنا، وما سُحب بالباطل سيعود بالحق، فالحق يعلو ولا يُعلى عليه.
هذا وقد كنت وما زلت أرفض تسييس القبيلة، وأؤيد دورها الاجتماعي، رغم أن السلطة وأذنابها “يحدوننا على الضيق”… وفي المقالة هذه أشدد على هاتين النقطتين، رفض الدور السياسي، وتأييد الدور الاجتماعي، حتى وإن اتهمنا العنصريون بالتعنصر، وما زلت وغيري نتذكر سكوت من يتباكى على الوحدة الوطنية، زيفاً، عمن يدعو إلى التعنصر إن لم يكن من أبناء القبائل، وما المطالبة بتوحيد البيت الشيعي إلا مثال صارخ فاضح، لكنه السكوت عن الجميع، والصراخ في وجه القبائل، ولطمها على وجهها، إن هي رفضت الظلم الواقع عليها.
ولعل أبرز ظلم هو ما يتعرض له الآن أبناء القبائل – والحديث هنا لأبناء العمومة – من سحب جنسياتهم، وإنهاء مستقبل نسائهم وأطفالهم وكبارهم وصغارهم، إلى درجة تخجل حتى “داعش” و”حزب الله” من الوصول إليها.
نعم، أتفهم وغيري كل ما يقال في ديوانياتكم عن سكوت السلطة عن الآخرين، ممن تجسس على الكويت لصالح إيران، ومن دافع عن المتجسسين، ومن هدد “بسيوفه التي في أغمادها”، أو من لا يعترفون بالنظام أساساً، ويرون أن النفط هو النظام الحاكم، وغيرهم وغيرهم وغيرهم، لم يتعرض لهم أحد لأن لهم هيبتهم وسطوتهم وتكاتفهم، في الوقت الذي تُرفع فيه العصا وتهوي على ظهور القبائل، وخصوصاً العجمان.
كل هذا أتفهمه ويتفهمه غيري، لكنني هنا أتحدث عن موضوع آخر، بعيد عن السلطة وقراراتها ومشاعرها تجاهنا ووو… أنا هنا أتحدث عن موقفنا نحن تجاه نسائنا وأطفالنا من آل برغش وآل كران، ولن أتحدث عن أقدمية آل برغش في الكويت، ولا عن دور ابن كران في تأمين حدود الكويت في عهد مبارك الصباح، ولا غير ذلك، فالأيام هذه مات فيها الرشد ورقص الشيطان، وبكى فيها أهل الكويت الحقيقيون وحماتها، وقهقه أذناب إيران وكلابها، ومن يحالفهم من مرضى العنصرية، الذين يرون الكويت “شرق وجبلة والمرقاب”.
لن أحدث أحداً في هذا الموضوع إلا أنتم، أبناء عمومتي، لأقول: إن كنا فعلاً أهل حمية على العز، كما نفاخر دائماً، فيجب أن تظهر حميتنا الآن، أو فلنعلنها أن نار أجدادنا “ما ورثت إلا الرماد”.
لست خيركم، لكنني أذكّركم أنه من العيب علينا ترك أبناء عمومتنا يقاومون العاصفة لوحدهم، ويتعرضون للتجويع و”محاولة إذلالهم” – هي محاولة لإذلالهم لكنهم سيعجزون عنها بإذن الله – بل لا أبالغ إن قلت إنه يجب أن تتعدى حميتنا أبناء عمومتنا لتصل إلى غيرهم ممن عوقب بسبب رأيه، من أمثال الشيخ نبيل العوضي، وأحمد جبر الشمري.
ووالله لو أن عبدالله البرغش أو سعد ابن كران سارا في “سواد وجه” ما كنا سكتنا عما تتعرض له أسرتاهما، فالعقاب يخص ولا يعم، فما بالكم وأفعالهما ترفع الرؤوس، ونقاء صحيفتيهما يشهد به القاصي قبل الداني.
هؤلاء أطفالنا كلنا، ونساؤنا كلنا، أمرهم يعنينا كلنا، ولا يختص به آل برغش وآل كران وحدهم، ولا آل حبيش وآل ناجعة فقط، المصاب مصابنا كلنا، وشموخ ربعنا من شموخنا كلنا، وجرحهم جرحنا، ومن لا أوجعه ما جرى ويجري لهم فلا قرّبه الله، ولا حاجة لنا به.
فلنعقد اجتماعاً نتدارس فيه هذا الأمر، ولنحثُ التراب على وجه من أراد تركيعهم وتخنيعهم وإذلالهم، ولنضرب الأمثال الشامخة لغيرنا في التكاتف عند الضيق، ولنؤسس صندوقاً يعالج الجروح فيشفيها بإذن الله.
وأرى أن يُعقد الاجتماع في مكان مفتوح، يتسع لكل من أراد أن يحضر من أبناء القبيلة وغيرها، والأهم يجب ألا نسمح لأحد من آل برغش أو آل كران بالاعتراض، لأنهم لو لم يكونوا من أبناء هذه القبيلة ما تعرضوا لكل هذا، لذلك نحن نتكافل للقبيلة كلها، بغض النظر عن أسماء المتضررين.
والحديث يطول، وقد يغضب من مقالتي هذه الأحباب، وقد يعتب البعض ويلومني: “أنت بذلك تدفعهم دفعاً لسحب جنسيتك”، ولهؤلاء أقول: “ما ضرينا على الذلة” وما ربّانا شيباننا على الركوع عند الأقدام.
ولمن يحاول، وما أكثرهم، الدفع لسحب جنسيتي أكرر ما قلته سابقاً: “الخلا لا رحم الله أبو من جمع كلاب المسعى واللصوص”، مع الاعتذار لكل حشيم يقرأ هذه المقالة، لكنها اللغة التي تفهمها الكلاب، ولا أقول إنني لن أتضرر أو أبنائي، في حال سحبوا جنسيتي، لكنني أرتدي ما يقيني زمهرير البرد، وقد حسبت حسابي لمثل هذه اللحظات.
وكما قال زعيمنا الخالد راكان بن حثلين:
ما قل دل وزبدة الهرج نيشان / والهرج يكفي صامله عن كثيره