كتاب سبر

داعش على الأبواب

أكثر من ثلاثة أشهر وقوى ما يسمى بالتحالف تقصف قرى متهالكة، والملايين تهدر والحسّابة بتحسب، وكل هذا مع الأسف من أموالنا التي لم نستثمرها لتنمية شعوبنا وبلادنا فنهبها المكار ليمزق بها ما تبقى من عروبتنا المكلومة، لقد تمزّقت سوريا وأصبحت في خبر كان وكأن هذا لا يعنيهم، علمًا بأنها سبب رئيسي لهذا الزرع الشيطاني. 
والعراق اختلطت به الأوراق والدماء والتقاطعات المذهبية والعرقية، وحتى القبلية والعائلية فالكل يحارب الكل في ظل غياب الدولة الحقيقية والتي تمزقت إلى غير رجعة على المدى المنظور، بعدما كثر بها الناهب والمنهوب والحنشل وبقت على طمام المرحوم طين وصفيح. 
يا سادة يا كرام، يا من يفترض بكم أن تقودوا أمتنا العربية المسكينة إلى المستقبل المشرق الذي طالما تغنى به إعلامنا التائه العائش على الاسترزاق ونظرية عاش الملك مات الملك.
إن داعش على الأبواب وفي المدن وداخل البيوت في بلادنا العربية من خليجها إلى محيطها، وحربها لا يكون بهذا الغباء المحكم والطاعة العمياء للكاوبوي الأمريكي الذي تقوده التكنلوجيا أكثر من المنطق وتقوده الصهيونية العالمية ليستمر تخلفنا أمة العرب. 
فداعش فكر نمى وترعرع في داخلنا وبأيدينا في ظل الظلم والتهميش والفساد وغياب العدالة الاجتماعية التي يعجز عنها الوصف، فالأرقام المرعبة من الترليونات التي يمتلكها حفنة من الحكام والتجار والفاسدين، والتي تكونت من السيطرة على مقدرات النفط وليس من اختراعات أذهلت العالم هي السبب الرئيسي لانفجار هذه الفئة من الشباب الحالم بمستقبل طيب ووجد نفسه على الهامش.
إن الظلم والفساد واختلال التوازن الاقتصادي في المحيط العربي هو الحاضنة الطبيعية لمثل هذا الفكر الخطير الذي يتمدد بسرعة البرق بين اغلب الفئات الشبابية التي تشكّل أكثر من سبعين بالمائة من التعداد السكاني لمنطقتنا العربية، وإلا بماذا نسمي التعاطف المحتشم لهذا التيار الخطير في أغلب الأحياء الفقيرة وما أكثرها في بلادنا العربية.
من منكم فكّر بما سوف نجنيه مستقبلا من الحرب الدائرة بلا جدوى على مجاميع مختلفة الأفكار واللغات والألوان والمواقع بهذه الفوضى العارمة من قبل قيادة أمريكية مرتبكة وطاعة عمياء سارت بتحالف غبي كالقطيع يسير كما يشاء الكابوي الأمريكي الذي يقودنا للمجهول باسم الحرب على الإرهاب.
لا ندفن رؤوسنا بالرمال كالنعام لنهرب من المسؤولية، فكلنا مشاركون بالجريمة ان فيهم أبنائنا واخواننا وأقاربنا جميعا، فلماذا لا نبحث عن حل غير العنف للعودة بهم إلي جادة الصواب؟ قد يستغرب البعض مما أذهب إليه، ولكنه الواقع المؤلم الذي لابد ان نطرحه.
أين مراكز الفكر والدراسات التي تدفع لها الملايين؟ هل هي فقط للتنفيع والبرستيج فقط؟ أين شيوخ الدين المعتدلين الذين جل فتواهم عن النكاح ورغبة الحكام؟ من منكم فكّر في مصير أكثر من خمسة ملايين طفل سوري وعراقي ويمني وسوداني ووو يعاني من اليتم وفاقد لأبسط الحقوق في التعليم والعيش الكريم في بلاده؟ وماذا نتوقع ممن فقد والديه وفقد بيته وطفولته البريئة؟ وهو الذي يعيش أصوات الدمار والجحيم يوميًا من أربع سنوات وتحت أنظار العالم المتفرّج بقبح على هذه المأساة الإنسانية في سوريا مثلا. 
 
إن هؤلاء الأطفال والشباب هم الوقود الذي يتشرّب أفكار داعش وغير داعش من وكالات المخابرات المنتشرة التي تصفّي حساباتها في منطقتنا العربية، لتستمر مشاكلنا ودمارنا إلى ما لا نهاية، لقد صرفنا مئات المليارات طوال هذه السنين على ماذا؟ على الحجر والاسمنت لنتباهى بطول البنيان بعدما كنّا حفاة عراة ورعاة للشاه، وصرفنا مئات الملايين لبلاعين البيزة من أبناء جلدتنا من خلال مناقصات وهمية وفواتير سلاح متكدّس في مخازن الغرب لتمتلئ جيوبهم بالحرام على حساب التنمية، ونسينا البشر والعدالة الاجتماعية لنصحى على بعبع داعش يطرق أبوابنا يوميا. 
آخر الكلام؛
لقد اسمعت لو ناديت حيّا.    ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت     ولكن انت تنفخ في رمادي