أقلامهم

كمال أوزتورك : حرب الاستقلال التركية الثانية

يصفانها بـ”حرب الاستقلال الثانية”، كل من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم. في الواقع، نعم، إن تركيا تقف في مواجهة هجمات صعبة وقذرة ومتعددة الأقطاب، وغادرة لا هوادة فيها.

إماطة اللثام عن الأعداء الذين كنَّا نحسبهم أصدقاء، على الأقل كان عدونا واضحا خلال حرب الاستقلال التي خضناها قبل مائة عام من الآن، وكنَّا نعرف من نقاتل. أما الآن فالأعداء مستترون وراء الكواليس، ويهاجمون تركيا بواسطة الدمى والقتلة المأجورين الذين يدارون من قبلهم.

ثم هو لمن المحزن، أن هؤلاء الذين يديرون تلك الحرب القذرة من وراء الكواليس، يظهرون أمامنا كحلفاء وأصدقاء. ولهذا السبب بالضبط، الوضع في البلاد أكثر صعوبة من حرب الاستقلال التي خضناها قبل نحو مائة عام.

لقد رأينا خلال السنوات الخمس الماضية، أن جميع العمليات الرامية لإسقاط الحكومة المنتخبة وتسليم إدارة البلاد إلى جهة أخرى، كانت في الواقع تدار من قبل مواقع ودوائر محددة، وبؤر مترابطة ببعضها بعضًا.

للأسف، عند دراسة معمقة لهذه الأحداث، وجدنا أن جميع القرائن المتعلقة كانت تقودنا إلى “حلفائنا في الغرب”. وهذا ما خلق في تركيا خيبة أمل كبيرة وغضبًا عارما.

هجمات التنظيمات المعادية

خلال الهجوم الإرهابي الأخير الذي استهدف حفل زفاف في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، قتل أكثر من خمسين مدنيًا، معظمهم من الأطفال والنساء. إنهم يشنون هجمات بهذه القسوة والوحشية. إن صاحب كل هذا الحقد وروح العداء تجاه تركيا، هو تنظيم داعش الإرهابي.

شهدت ولايات مثل بتليس، ووان، وألازيغ، هجمات إرهابية قبل غازي عنتاب. خسرت البلاد الشهر الماضي جراءها نحو 70 شخصًا من مواطنيها، بينهم نساء وأطفال. وقد تبنت منظمة “بي كا كا” الإرهابية هذه الهجمات. نعم إن هذه المنظمة الإرهابية أيضًا زادت من وتيرة هجماتها الوحشية خلال الفترة الماضية. علمًا أن هذه المنظمة تناصب تركيا العداء منذ نحو 40 عامًا حتى الآن.

قبل كل هذه الهجمات الإرهابية شهدت البلاد في 15 يوليو الماضي وقوع محاولة انقلابٍ فاشلة، استشهد خلالها 240 من أبناء شعبنا وجرح نحو 1500 آخرين. هاجم الانقلابيون أبناء الشعب بالطائرات والمروحيات والدبابات. لقد كانوا بهذا الحقد والقساوة والبلطجة. وكان وراء هذه المحاولة الانقلابية تنظيم فتح الله جولن الإرهابي، الذي يعد من أكثر التنظيمات قذارة وظلامية.

تركيا التي تعيش تحت وقع المعاناة جراء تلك الهجمات الإرهابية، تكافح في هذه الآونة ضد البلدان التي تدعم وتغدق على تلك التنظيمات. يا لها من مفارقة تستحق التأمل!

من يدعم تلك المنظمات؟

بات الجميع متفقون الآن على أن تنظيم داعش الإرهابي يتم توجيهه من قبل مركز ظلامي. وفي هذا السياق، تواصل وسائل الإعلام الغربي مهاجمة تركيا بكثافة واتهام أنقرة بدعم داعش. إن السياسيين الغربيين أيضًا يواصلون ضخ مثل هذه الافتراءات التي لا يقبلها عقل أو منطق، في الوقت الذي دخلت فيه الولايات المتحدة وأوروبا إلى البحر المتوسط بحجة مكافحة تنظيم داعش، وإذا بهم يطيلون أمد الأزمة السورية ويعملون على تقسيم ذلك البلد وإقامة دويلة كردية على جزء من أراضيه.

وفي هذا الخضم، نرى مواصلة منظمة “بي كا كا” الإرهابية بافتتاح مكاتب لها في بروكسل، وبرلين، وباريس، وتنظيم مظاهرات، وجمع إتاوات، وشن حملات تحريض وتشويه إعلامية. باتت أوروبا اليوم تقدم دعمًا علنيًا لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية المسلحة التي تشن حربًا قذرة ضد تركيا.

قائد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، فتح الله جولن، يعيش في هذه الأثناء رغيدًا قرير العين في مزرعته بالولايات المتحدة، ويواصل إدارة تنظيمه من هناك. وفي المقابل ترفض الولايات المتحدة تسليم هذا الشخص الذي تسبب بمقتل 240 شخصًا تركيا، وتواصل دعم تنظيم “ب ي د” الذراع السورية لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية.

إضافة إلى ذلك، دعوني أسجل ملاحظة فحواها، أن أحد ضباط المخابرات السابقين في بلد مثل مصر كان من المشاركين في هذه الحرب القذرة ضد تركيا.

كل ما سبق يظهر حجم الحرب الكبيرة التي تخوضها تركيا، وحجم الأوقات الصعبة التي تقضيها البلاد.

إن حرب استقلالنا الثانية، هي في الواقع أكثر صعوبة من الأولى. لكن ثقتنا كبيرة بتضامن شعبنا وقوته وشجاعته وإيمانه، فهو الداعم الأكبر لنا في هذه الحرب. وبإذن الله جل وعلا تركيا ستفوز في حرب استقلالها الثانية أيضًا.