أقلامهم

خطاب الكراهية العنصري وسياسات الدولة

ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (1) على أن “جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق…”. وعلى السياق ذاته تنص المادة (29) من الدستور على أن “الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين”.

وبما أن التنوع والتعدد والاختلاف الثقافي والعرقي والديني من طبيعة المجتمعات البشرية، فإن الدول المتقدمة تقر قوانين تحظر عملية التمييز العنصري، وتصوغ سياسات عامة تشجّع على عملية الاندماج الوطني للمكونات الاجتماعية المختلفة ضمن الهوية الوطنية الجامعة والمواطنة الدستورية المتساوية في الحقوق والواجبات العامة.

وعلى الرغم من التطور الكبير الذي حققته البشرية في مكافحة العنصرية والحدّ من خطابها الكريه، فإنها ما زالت موجودة أينما وجد مرضى لديهم عُقد نفسية تجعلهم يتوهمون أنهم متميزون عن غيرهم من بني البشر لأسباب غير موضوعية؛ مثل اللون والجنس والأصل والأقدمية والثروة واللغة واللهجة والدين والاسم ومنطقة السكن.

أضف إلى ذلك أن العنصرية تبرز أثناء الأزمات الاقتصادية الرأسمالية، حيث يستخدم اليمين المتطرف خطاب الكراهية العنصري بكثرة في شعاراته الشعبوية التي تدغدغ عواطف الناس، وتشغلهم في قضايا لا قيمة لها على حساب قضاياهم المعيشية والوطنية المشتركة، وذلك من أجل التغطية على الأسباب الجوهرية للأزمة؛ مثلما حصل في ثلاثينيات القرن الماضي عندما برزت النازية والفاشية، ويحصل حالياً في أميركا وبعض الدول الأوروبية وفي دولنا أيضاً بعد الأزمة الاقتصادية الرأسمالية التي تفجرت أواخر عام 2008.

وبالنسبة إلى مدى التأثير على الدولة والمجتمع فإن خطاب الكراهية العنصري البغيض محدود التأثير ما دام محصوراً في عدد محدود من الأشخاص الذين يعانون عُقداً نفسية، ولكنه يصبح مشكلة عامة تهدد استقرار المجتمع وتماسك الدولة، وذلك عندما يتحول من نزعة فردية وخطاب معزول ومنبوذ اجتماعياً وغير مؤثر إلى سلوك عام أو إلى عمل مؤسسي، بحيث تتخذ قرارات عامة وتُقرّ قوانين وتصاغ سياسات الدولة على أسس عنصرية؛ مثلما يطرح اليمين الفاشي حالياً في أميركا وأوروبا ضد المهاجرين واللاجئين، والذي سيشكل وصوله إلى السلطة في أوروبا بعدما وصل في أميركا خطراً جسيماً على البشرية جمعاء.

وهناك بالطبع دول عنصرية مثل نظام الفصل العنصري أو “الأبارتهايد” البائد في جنوب إفريقيا الذي كان قائماً قبل تولي الراحل نلسون مانديلا للسلطة، أو نظام الاحتلال الصهيوني في فلسطين.