وطني الشامخ وطني العزيز، وطني الذي ما مثلك وطن، أكتب إليك رسالة ثالثة، ويخيم علي حزن وتدمع عيني لحالك ويبقى قلبي يخفق بشموخك وحبك يمدني بالقدرة على التفاؤل. أكتبها إليك يا وطني الكويت، رسالة حب واعتذار وفرح وتفاؤل.
أما الحب فهو حق لك علينا فقد ترعرعنا في ربوعك محاطين بحنوك دون أن يكون لدينا تزلف للسلطة أو رهبة منها أو طمع في عطاياها المبذرة، وهو ما حفظ لنا كرامتنا وزادنا اعتزازا بأنفسنا ومنحنا بحبوحة من الحرية السياسية فتكرس بقيمك وتمسكنا بك أننا شركاء في إدارة البلد رضي من رضا وأبى من أبى، بديموقراطية حقة رغم ما تمر بها من عثرات ويحبك حولها من تربصات، فديموقراطيتنا لا يستهان بمزاياها، وتحققت لنا بنعمة في التواصل الاجتماعي، فمنبعه تلاقي أصالة الإسلام مع عراقة قيم العروبة في بوتقتك يا وطن. وفيك أفاء الله علينا بعيش رغيد فياض وأمان راسخ لا يستعاض.
أما الاعتذار فهو قد حق لك علينا عن غربتك بين أبنائك ممن يعتاش عليك البعض باسم العضوية البرلمانية، التي هي في حقيقتها مسلكهم لابتزازك بمشهد سياسي وضيع، وهم خواء، فأدوات المساءلة السياسية صار غايتها ضربك وهدم مؤسساتك وتدمير مشاريعك، بل حتى الجادين من أبنائك فإن صراعهم لتحقيق مصالحهم، وأؤلئك الذين يتاجرون بالوطنية فسادهم أزكم أجواءك الزكية بتشريعات ارتجالية ورقابة منحرفة ووطنية زائفة تفوح منهم طائفية مقيتة أو قبلية مريضة أو فئوية متعالية فظهر لدينا مجلس هزيل. ومن بعض تجار لم يحافظوا على تاريخهم وطارئون أمثالهم جميعهم يبيعونك كل يوم في أقرب سوق وبأول مقايضة، ولا يضعون من حر أموالهم ما ينميك ويطورك، حتى صارت مؤسساتك عرضة لتملك الأجانب حتى في مشروعاتك الحيوية، فتبا لهم جميعا لعقوقهم لك.
أما التعرية فهي لعدم مصداقية شعارات الإصلاح التي تتزين فيها خطابات الحكومة والسياسيين، فبعد أكثر من ربع قرن من فرحة التحرير وحتى اليوم ومشكلات الوطن من سيئ إلى أسوأ، فالتركيبة السكانية لحقها خلل أبلغ مما كانت عليه وهي برهان على تلاشي شعار الإصلاح، والبطالة الفعلية صارت واقعا بنسب عالية والبنية التحتية تآكلت وتنذر بانهيارات مريعة، والرعاية الصحية صارت هما للمريض وأهله بوزراء غير كفوئين، والتنمية صارت اقتياتا ببعض المأجورين، والتعليم صار سبيلا لتوزيع الشهادات بلا علم، بل والمعلمون في التعليم العام والجامعي صاروا عالة عليه وثغرة فيه، رغم أن طبقة السياسيين من الوزراء والأعضاء السابقين والحاليين أعدادهم بالمئات، لكن معظمهم لم يكن حاملا همك يا وطني.. ولم تكن له مصداقية معك.
ويبقى أن التفاؤل سبيلنا ثقة بالله فهو سبحانه مدنا بحبله المتين الذي لا ينقطع، فكلما زادت ظلمة الليل بأرجائك زاد يقيني بقرب بزوغ فجر جيل من أبنائك يؤمن بحبه الحقيقي لك كما كان الآباء والأجداد يعطون بلا مقابل أو ومن دون انتظار لفواتير تسدد على حسابك، فأنت بلد ولاد للرجال والقلة منهم اليوم تعيش معك في وحشة غربتك، وتداعي البقية لنهشك من كل صوب، لكنها قلة مفعمة بالأمل، أن المستقبل سيعيد البهجة على محياك الذي فقدها منذ أكثر من ٣ عقود. فلك مني يا وطن كل حب وولاء وتضحية في الدفاع عنك، فلن ندعك تشعر بالغربة ما حيينا.
أضف تعليق