أقلامهم

مستقبل مجلس التعاون الخليجي

ألقت الخلافات الخليجية – الخليجية وبالأخص بعد استمرار أزمة الخليج بظلالها على مسيرة مجلس التعاون الخليجي وعلى أداء العمل الخليجي المشترك وعلى عملية التعاون والتكامل الخليجي وصولا للوحدة كما جاء في ديباجة النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي. وأثار عمق ومدى هذه الأزمة الكثير من التساؤلات حول مستقبل مجلس التعاون الخليجي في ظل ما يعصف به من خلافات بينية بين بعض الدول الأعضاء في هذا الكيان الإقليمي.

‏وفي حين أن الأزمة أدت إلى مقاطعة/حصار دولة قطر الدولة العضو في مجلس التعاون الخليجي من قبل ثلاث دول أعضاء بالإضافة إلى مصر فإن هذه العملية برمتها تجاوزت العديد من المسلمات والاتفاقيات والأنظمة المؤطرة والحاكمة لعمل المجلس. فمن البديهي أن يتم حل الخلافات عن طريق التفاوض والحوار ومن المسلم به أن يكون هذا في إطار مجلس التعاون وآلياته خصوصا وأن الأزمة تلامس روح ونص النظام الأساسي للمجلس واتفاقياته الموقعة من قبل الدول الاعضاء.
والجدير بالذكر أن المقاطعة/الحصار تخالف اتفاقية السوق الخليجية المشتركة الكافلة لحرية تنقل الأفراد والبضاعة ورأس المال بين كل الدول الأعضاء في المجلس وأن القرار فيما يخص عمل المجلس واتفاقياته يأتي من المجلس الأعلى المكون من كل قادة الدول الأعضاء. هذا إلى جانب أن الأزمة تخالف روح ونصوص كافة اتفاقيات المجلس كما أن طريقة إدارتها أيضا همشت دور بقية الدول الأعضاء (الكويت وعمان خصوصاً) وأخلت بأسلوب وعملية اتخاذ القرار.

‏أفقدت هذه الأزمة الثقة في مجلس التعاون الخليجي، كمنظمة إقليمية تعتمد في وجودها على القوانين والأنظمة المتفق عليها، ونزعت عنه الشرعية داخليا وخارجيا وغدى بذلك المجلس جسداً بلا روح ويتضح هذا من تدني مستوى العمل الخليجي المشترك وتدني مستوى قرارات القمتين الأخيرتين المنعقدتين في كل من الكويت والرياض.

‏رغم هذه الأزمة وهذا التواضع في الأداء يظل المجلس البيت الخليجي الذي يحتوي كل دول الخليج العربية ذات المصير الواحد والمشترك ولازالت كل الدول الأعضاء متمسكة بوجوده غير أنه لا يمكن أن يعود إلى سابق عهده بعد حل الأزمة ولابد من مراجعة نظامه الأساسي والاتفاق على احترام اتفاقياته وتفعيل آلياته خصوصا لجنة حسم المنازعات لتجنب الوقوع مرة أخرى في نفس المطب.

كتبها:
د. عبدالله باعبود
باحث في شؤون الخليج والشرق الاوسط

مجلة طروس العلمية لدراسات الشرق الاوسط

الموقع الالكتروني

www.torous.org